يتعاون الإنسان والحاسوب في مجمل الطرق المثيرة للاهتمام على اختلاف أنواعها في أيامنا هذه. إذ إن الدمج المناسب بين الذكاء البشري والذكاء الرقمي في مجال الشطرنج قادر على التغلب على أكبر الأساتذة وأفضل حاسوب فائق في جولة شطرنج. وتعطي شركة رأس مال مجازف واحدة على الأقل – وهي «ديب نولدج فنتشرز» في هونغ كونغ – خوارزمية حاسوبية صوتاً رسمياً بخصوص استثماراتها. هذا ويزداد تعاون الآلة مع الإنسان ليعملا يداً بيد على أرض المصانع ومستودعات التخزين. وفي بعض الحالات، تتضح مساهمة كل طرف في التعاون مثل عين الشمس.
فبحسب موقع «بيزنس إنسايدر»، ستأخذ خوارزمية رأس مال المجازفة، في حال تم اعتمادها بالطريقة المناسبة، في الحسبان «عمليات تمويل الشركات المحتملة، وتجاربها العلاجية، وملكيتها الفكرية وجولاتها التمويلية السابقة» بطريقة قد يصعب على الأشخاص المنحازين الرد بها. كما أن لعبة الشطرنج على الحاسوب ستمنع اللاعب البشري من الإقدام على بعض الخطوات التافهة – أي تلك التي كان ينبغي أن تكون عواقبها المستقبلية السلبية متوقعة، إنما لم تجر الأمور كما كان في الحسبان. إلا أن الكيمياء بين الإنسان والحاسوب تبقى لغزاً بلا حل. ولم يتضح بالأخص كيف أن الإنسان يستطيع الاستمرار بإضافة القيمة مع وجود التكنولوجيا على رأس السباق. ومما لا شك فيه أن الحاسوب يبقى أفضل في الحوسبة الشاملة، كما أن قدراته على مطابقة الأنماط تنمو في لمح البصر. أين يتفوق الإنسان إذاً؟ غريب كم يصعب الرد على هذا السؤال. ويبدو أنه عندما تكون المهمة مفتوحة إلى حد يمسي من شبه المستحيلات تعداد كافة الاحتمالات المطروحة، تصبح قدراتنا هي الأعلى. ففي مجالات متنوعة، كلعبة الألواح الآسيوية «غو» وتوقع كيفية طي البروتينات، يبقى العقل البشري الأفضل بين الأدوات المتوفرة. وفي هذه الحالات، تكثر الاحتمالات القابلة للاستيعاب حتى بالنسبة إلى شبكة حواسيب فائقة. لم نأتي إذاً بأجوبة أفضل؟ يلف الغموض نوعاً ما هذه المسألة. لكنه من الواضح أننا نحقق ما عجز أفضل تقنيونا الرقميون أن يبرعوا فيه. والأمر سيان على ما يبدو في مجالات عدة تتطلب إبداعاً أو حساً جمالياً، أقله في الوقت الحاضر. إذ لا يزال الحاسوب يعجز مثلاً عن صياغة قصة مقبولة. هل سيتعلم كيف يقوم بذلك؟ كما سبق وذكرنا أنا وإيريك برينهولفسون في «عصر الآلات الثاني»، فإن الشعار الذي اعتمدناه بعد دراسة أمثلة تطور رقمي عدة هو التالي: «لا تقل أبداً مستحيل». ولكنني لم أشهد على مثل هذه الأمور بعد، ما يبعث بي الأمل بأن الإنسان سيستمر بتأدية أدوار مهمة في اقتصادياتنا لبعض الوقت في المستقبل.