بكل تأكيد فإن ثمار السياسات الاقتصادية الجارية حالياً في المملكة، بدأنا نجني ثمارها في كثير من المكاسب، بفضل انفتاحها ودخولها في العديد من الاتفاقيات الدولية ومن ثم الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، ولعل ذلك يتضح ويتجلى في أكثر من مجال، الأمر الذي جعل وضع الاقتصاد الوطني في أحسن حالاته، وجعله محركا رئيسيا لمجمل النشاط الاقتصادي على المستوى الإقليمي والدولي.
ولكن مع كل ذلك، كانت هناك دائما احتياجات عاجلة يحتاج لها القطاع الخاص لتحفيز أعماله وتجارته محليا وإقليميا ودوليا، في ظل تزايد نشاط قطاع الأعمال خارجيا ودخوله في شراكات تجارية خارجية، من خلال تعاقدات تجارية مع شركاء دوليين ، الأمر الذي جعل التسريع بإنشاء مركز سعودي للتحكيم التجاري أمرا ضروريا ملحّا، يعزز من أهميته إيجاد حلول سريعة للنزاعات التجارية .
ولذلك أعتقد أن الخطوة التي نفذها مجلس الغرف السعودية، بتشكيل مجلس إدارة لمركز التحكيم التجاري، لخطوة جديرة بالاحترام، كونها تمثل بداية حقيقية للبت في أكثر القضايا التجارية تعقيدا وعرضة للمنازعات سواء بين طرفين سعوديين أو طرف سعودي وآخر أجنبي، ما يعني أنه يغنينا عن ما ينتج عن التلكؤ في بت مثل هذه النزاعات والتي تنعكس سلبا على حجم وانسياب تجارتنا وبالتالي تحريك اقتصادنا الوطني.
ومن شأن ذلك، تعزيز ثقافة التحكيم التجاري وتفعيل دوره في البلاد، وتعميمه على كافة المنازعات التجارية التي تنشأ بين مختلف الأطراف، وهو فرصة أيضا ليغنينا عن التحاكم في خارج البلاد لبعض النزاعات التي يكونها إحدى أطرافها من الخارج، وعلى مع كل ذلك تبقى هناك قضية بالغة الأهمية، وهي ابتداع وتبني المركز لفكرة تدريب كوادر وطنية للعمل في هذا المجال بكل كفاءة واقتدار، بالاستعانة من سواء خبراء هذا الاختصاص العاملين في المركز، أو حتى من خارجه.
وحقيقة يعول كثيرا على هذا المركز في دعم وتحسين البيئة التشريعية والقانونية للأعمال والأنشطة الاستثمارية و التجارية بالمملكة لتكون محفزة وجاذبة للاستثمارات الوطنية والأجنبية من خلال اعتماد القرارات والأنظمة الداعمة والحامية لمصالح عقود التجارة الدولية والارتقاء بممارسات التحكيم فضلا عن توفير كوادر تحكيم وطنية على مستوى عالي من التأهيل والاحترافية، ولذلك الأمل معقود في مستقبل زاهر لوضع تجاري زاهر.