لوّحت وزارة التجارة والصناعة الأسبوع الماضي بسحب تراخيص المكاتب العقارية التي تكرر مخالفاتها المتعلقة بنسب العمولات التي تتقاضاها، في خطوة جديدة من شأنها إحداث نوع من التنظيم في السوق المحلية، بعد أن انضمت عمولتا السعي وتجديد العقود التي تتقاضاها المكاتب والشركات العقارية العاملة في سوق التأجير والبيع إلى قائمة الخدمات التي ارتفعت أسعارها خلال الفترة الماضية، بنسب متفاوتة بلغت في بعض المدن نحو50%. واستبشر الكثير من المستأجرين بتحذير وزارة التجارة والصناعة من زيادة نسبة السعي على المشتري أو المستأجر بأكثر من 2.5% كحد أقصى، موضحين أن التحذير واضح وأن أي زيادة في العمولة سيبلغون وزارة التجارة رغم إقرارهم بوجود تجاوزات كبيرة من بعض المكاتب خاصة في الأحياء التي يكثر فيها الطلب ويقل العرض.
وقال لـ»الجزيرة» عدد من المستفيدين من خدمات المكاتب والشركات العقارية، كتأجير منزل أو شقة أو متجر أو شراء وحدة سكنية أو تجارية إن أسعار العمولات التي كانت تدفع عند تجديد العقود السنوية ارتفعت من 500 ريال إلى 1000ريال في السنة، كما أن السعي الذي كان يتراوح بين 1 إلى 2.5% تجاوزته بعض المكاتب العقارية إلى 5%. وبينوا أن المكاتب العقارية مسؤولة عن هذا الارتفاع فهي لم تكتف بتضخم المنتج العقاري، بل والعمولة، مشيرين إلى أن تلك المكاتب تستفيد بصورة مزدوجة من رفع قيمة العمولة وتضخم سعر العقار أصلاً. وطالب المواطنون الوزارة بمراقبة السوق بشكل دوري لمعرفة التجاوزات التي تحصل من بعض المكاتب العقارية وتطبيق العقوبات وفقاً للائحة التي تضمنتها العقوبات، التي تبدأ بغرامة 25 ألف ريال، وإغلاق المكتب لمدة تصل إلى سنة كاملة، إضافة إلى إلغاء ترخيص المكتب نهائياً في حال تكرار المخالفة. بدوره قال المواطن سلمان البشري: هناك تجاوزات في العمولة والتجديد بشكل أثقل كاهل المواطنين بخلاف بعض الرسوم التي تؤخذ عند كتابة العدل مثل فواتير المياه التي تصل إلى 300 ريال سنوياً وتؤخذ دفعة واحدة فضلاً على أخذ رسوم أخرى عن خدمات غير مقدمة مثل الصيانة وإدارة الأملاك، مما أدى إلى ضعف جودة المنتج العقاري، خاصة في سوق التأجير التي زادت المشاكل بين المستأجرين والمؤجرين لعدم وجود وضوح في العقود سوى من حيث الصيانة الحقيقية.
وأضاف: نحمد الله على خروج مثل هذه التحذيرات التي صدرت من جهة رسمية وحكومية. وقال فواز العقدي: كتابة العقد لدى أي مكتب عقاري تكون برسم مبلغ 500 ريال في السابق ولكن ازدادت العمولة بشكل غير متعارف عليه مما جعل الكثير من المستأجرين يرضخون لذلك حيث تقوم الكثير من مكاتب العقار بفرض رسوم غير متعارف عليها، وقد حصلت معي عندما جددت عقد شقتي الواقعة في «حي الجزيرة» حينما فرض علي صاحب المكتب التجديد بشكل سنوي مع فرض رسوم على المياه والنظافة وإصلاح وصيانة العمارة من الداخل والخارج بدون صيانة الشقق ولكن صيانة كل شيء يخص المستأجرين، ولكن عملت فيما بعد أن هذه الرسوم تأخذ دون عمل الصيانة اللازمة، بينما علمت أن هذه الرسوم ليست سوى استغلال من قبل أصحاب المكاتب. وبحسب مراقبين لسوق العقار، فإن زيادة أسعار الخدمات التي تقدمها مكاتب العقار زادت من المشكلات التي يعانيها القطاع الإسكاني والعقاري في المملكة، خصوصا وأن وزارة التجارة أشارت إلى أن 75% من البلاغات العقارية تتمثل في زيادة نسبة العمولة في عقود البيع أو الاستئجار، فضلاً عن أخذ رسوم أخرى لخدمات غير مقدمة مثل الصيانة وإدارة الأملاك، مما أدى إلى ضعف جودة المنتج العقاري. من جهته قال نائب رئيس اللجنة الوطنية العقارية المهندس محمد الخليل أن تحذير وزارة التجارة بعدم التجاوز في السعي يأتي بعد أن زادت البلاغات التي ترد إلى الوزارة بخصوص الكثير من التجاوزات، التي تحدث من بعض المكاتب، مبيناً أن تنظيم قطاع المكاتب وسوق الوساطة وإدارة الممتلكات سيرفع مستوى الاحترافية، ويقود إلى إلغاء الكثير من المشكلات التي يعاني منها القطاع خلال الفترة الحالية، مبينا أن مجلس الغرف اقترح على الوزارة أن يكون هناك تصنيف خاص بمكاتب العقار. بدوره قال رئيس لجنة التثمين العقاري والمزادات بغرفة جدة عبد الله الأحمري بأن هناك العديد من الشكاوى على شركات التسويق العقارية والمكاتب فيما يتعلق بالسعي والعمولة التي رفعت الأسعار بشكل مبالغ فيه، مبينا أن تلك المكاتب والشركات يعمل فيها أكثر من 15 ألف ساعٍ يتقاضون أكثر من 500 مليون ريال في العام الواحد كعمولات سعي عند تأجيرهم العقارات إما للسكن أو الاستثمار، لافتاً إلى أن معظم من يعمل في تلك المكاتب هم من العمالة الوافدة الذين يعملون فيها بشكل يخالف الأنظمة العقارية، وأن الواحد منهم يتقاضى شهرياً في أقل الأحوال ما بين 2500 و300آلاف ريال. وقال الأحمري يجب إعادة النظر في نظام المكاتب العقارية الجديد الذي لم يشهد أي إضافات سوى في الجانب المتعلق بربط المكاتب بنظام شموس الأمني، مشيراً إلى أن النظام أغفل الكثير من الحقوق الخاصة بالعاملين في القطاع بدءاً باستمرار العمل بالدلالة البالغ قدرها 2.5% والمعمول بها منذ السبعينات، مبينا إن الصفقات العقارية تتفاوت في القيمة وفي مدد التأجير وسنواته، ومن الإجحاف أن تظل الدلالة كما هي ونحن نطالب برفعها لتكون 5% بالنسبة إلى عمليات التأجير ولا مانع في بقائها كما هي في عمليات البيع. وقال الأحمري إن النظام أغفل أيضا حماية مكاتب العقار والمشتغلين فيه بشكل رسمي ومقنن وهم أصحاب المؤسسات والمكاتب المعتمدة من مزاحمة الدخلاء على المهنة، مشيرا إلى أن النظام لا بد أن يقر آلية واضحة لتصنيف العاملين.