ليس بخاف أنه بعد أحداث 11 سبتمبر وقر في أذهان مجموعة من الصهاينة الجدد وعلى رأسهم «بوش» الإبن وديك تشيني وغيرهم ممن سيطرت عليه خزعبلات نصوص توراتية خرافية مشوهة، مفادها أن الإسلام العدو الأول للمسيحية، وتأكد ذلك في استشهاد «بوش» ببعض تلك النصوص في مقولاته بكل صراحة وصفاقة.
وانطلاقاً من هذه الهذاءات التقت إرادة وقناعة لدى الصهاينة الجدد والصهاينة اليهود والصفوية الإيرانية، مفادها أن الإسلام السني هو العدو الحقيقي للغرب، وأن الإسلام الذي تمثله إيران هو الإسلام الذي يستطيع أن يتوافق ويتعايش ويتكيف ويتقبل معطيات الغرب ومتطلباته، دون صدام أو تعارض، بل إنها -أي إيران- على استعداد تام لتنفيذ أي رؤية أو استراتيجية لتحقيق ما يرى ضد الإسلامي السني.
وجد «بوش» الإبن ضالته في إيران، وجد أن إيران تاريخياً لم تدخل في صراع مع الغرب، بل إنها تخفي عكس ما تظهر في ما تدعيه من مظاهر العداوة للغرب، لذا سارع مع صهاينته إلى ترتيب العلاقة المستقبلية لتوظيف إيران الصفوية في التصدي للإسلام السني الذي يعده عدوه الأول اللدود الذي يجب محاربته، وكانت صور تلاقي المصالح بينهما وتوافقها عديدة، وكان البدء بالعراق، حيث سلم لإيران تديره كيفما شاءت، وتتحكم في موارده وإدارته بالصورة المتحيزة التي تبدو الآن بأبشع صورها في تهميش السنة ومحاربة وجودهم السياسي والديموغرافي.
وكشف تلاقي المصالح عن وجه قبيح لأمريكا لا خلاق له، ولا اعتبار عنده للقيم والمبادئ، تجلى في صناعة مسخ مشوه ذي مظهر ومخبر سني «داعش»، وهنا مكمن خطورته، لذا على الأمة السنية ألا تدع هؤلاء الأعداء يستبيحون حماهم ويعبثوا بعقول شبابهم، ومستقبل شعوبهم، الآن يتداول في أوساط الشباب أفكار «داعش»، هذه الصنيعة القذرة لصهاينة أمريكا وإسرائيل، وروسيا وصفوية إيران، يقول الكاتب تركي الحمد في العرب 20-7-2014م: ومن هنا تنبع أهمية «داعش» بالنسبة إلى الولايات المتحدة والاتحاد الروسي، على وجه الخصوص من حيث إنها تضرب عدة عصافير بحجر واحد: فهي ستشكل بؤرة لكل متطرفي الخطاب الإسلاموي، مما يسهل حصرهم في مكان واحد، ومن ثم التعامل معهم التعامل المناسب، وهي تشكل مرحلياً تمثيلاً تنظيماً لسنة العراق والشام، وبعد استيفاء الغرض منها، أي منظمة داعش، يسهل التخلص منها وعلى يد ذات العشائر والطائفة السنية.
وحتى لا ندور في حلقة من التلاوم، لنعد بالذاكرة إلى تفجيرات العليا والمحيا وغيرها التي نفذها في الرياض أتباع القاعدة، وما صاحب هذه التفجيرات من لوم صريح للتعليم والقائمين عليه، وانطلاقاً من إيماننا في الإدارة العامة للتعليم بمنطقة الرياض بدور التعليم الرئيس في تربية الأجيال وحمايتهم من مواطن الفتن، تم تصميم مشروع تربوي بمسمى «تعزيز الأمن الفكري بين الطلاب والطالبات» وذلك عام 1425 - 1426هـ حددت منطلقات المشروع وموجهاته، وأهدافه العامة واستراتيجياته، وبرامجه وأوجه نشاطه، وآليات تنفيذه على مستوى الإدارة العامة وإدارات المكاتب والمدارس، ولجان المتابعة وأدوات التقويم، والبرنامج الزمني لانطلاقة المشروع في المراحل الدراسية كافة، وحسب علمي لاقى المشروع استحسان وزارة الداخلية، ولكن وبعد تغير القيادة في الوزارة وفي إدارة التعليم بالرياض، وكالعادة لم يلتفت للمشروع وتم تناسيه، وكان مصيره الرف ليعلوه الغبار، وهذا ما أثار استغراب المعنيين في وزارة الداخلية، كيف يتم تناسي المشروع وإهماله رغم أهميته في مرحلة تعد في أمس الحاجة إلى أمثال هذا المشروع؟.
وحتى لا يتكرر موقف إلقاء اللوم على الشباب الذي تهافت وراء القاعدة، والآن «داعش» وهي أخبث وأخطر، الكل يتطلع إلى هيئة كبار العلماء كي تصدر بياناً مفصلاً تبين فيه حقيقة داعش فكرياً وسلوكياً، ومدى خطورتها على الشباب لا سيما وقد تبين أنها صنيعة استخبارات دول لا تخفي عداوتها للمملكة، بعدئذ يطبع البيان في كتيب يوزع على الأجهزة المعنية، الشؤون الإسلامية، بحيث يوجه الخطباء إلى تناوله في خطب الجمعة، التربية والتعليم بحيث تحوله إلى مشروع تربوي على مدار العام على منوال مشروع « تعزيز الأمن الفكري « على ألا يلقى مصيره، ووزارة الثقافة والإعلام بحيث تعقد حوله الندوات في الإذاعة والتلفزيون، ويوجه الكتاب إلى التنويه دوره في حفظ عقول الشباب وتوجهاتهم.