لا فرق عند الديكة أكانت واقفة فوق كومة القمامة، أم خائضة في الأوحال، فهي في كلتا الحالتين تصر على ممارسة هواياتها في التبختر والغطرسة الفارغة، متباهية بريشها الملون، متفاخرة بطراوة أعرافها ومرونتها وشكلها ولونها، شامخة بمناقيرها،
بارزة صدروها، صاخبة بصياحها في بيئة تعج بالنفايات والفضلات، ثم تمشي على مهلها بكبريائها المعهود رغم وقوفها وسط المستنقعات الآسنة، ولا تظهر أي اهتمام لتعليقات الطيور الطائرة من فوقها، مع أنها لا تملك حرية الصقور، ولا عظمة النسور، ولا جمال الطواويس، ولا صوت البلابل، ولا خفة العنادل، ولا حلاوة السنونو، بل أنها لا تستحق أن تكون من الطيور أصلاً، لأنها لا تطير أبداً إلا لبضعة أمتار معدودة، وعند الضرورات القصوى والطارئة، وما أشبه تصرفات الديكة بسلوك بعض المحرضين المندسين اللامزين الهامزين المتكالبين مع الأعداء والأوغاد، الكبار منهم والصبية الصغار، الذين سقطوا في مستنقعات الفتنة وأصطبغوا بالدم الحرام، وغرقوا في أوحال الخيانة والجحود والنكران، والأخلاق المائلة، والتصرفات البليدة، والذين ما انفكوا يتظاهرون بالسلوك القويم، ويتجلببون بجلباب الورع والتقوى، ويتباهون بانجازاتهم الوهمية، وأعمالهم الواهنة، ووعودهم الكاذبة، وعهودهم الباهتة، وخطاباتهم الصفراء، وقيحهم اللفظي، وتهريجهم المضحك، ومسرحياتهم الهزلية، لكنهم أنكشفوا تماماَ، وإنزاحت الأغطية عن أجسادهم الواهية، ووجوههم البائسة، على الرغم من تبوئهم المراكز الأولى في الكذب والتلون والغرور والبهت والفجور، وقصور الأفعال، وضعف البصر والبصيرة، والعقل والمنطق، خصوصاً بعد أن ضرب الشر أطنابهم في عموم أفعالهم وتصرفاتهم وسلوكهم، وتغلغلت الخديعة حتى النخاع في هياكلهم وتشكيلاتهم ووجدانهم، وصار السواد هو اللون القبيح لمعظم حركاتهم وتصرفاتهم ومفرداتهم اللفظية، هذه النوعيات البشرية القائمة على الخداع والزيف والجحود والكذب والبهتان وتزوير الحقائق، المعايير الأخلاقية والتعاملية انقلبت عندهم رأساً على عقب، وهكذا تمددت عندهم إمبراطورية الشر واتسعت وتضخمت، وتزايد بهائهم بأنفسهم الغابرة حداً لا مجال له، وطغوا في الأرض فساداً وكذباً لم يسبق له مثيل، هؤلاء القصر من البشر يحاولون تدمير عجلة السلوك الإنساني الجميل، والإسهام في تردي الأخلاق، والإنحراف بمسارات التعامل نحو الحضيض، رغم كونهم كيانات بشرية ضعيفة ومهزوزة وواهنة تشبه الأسفنج الرخو، لقد تمادى هؤلاء الأشرار في سلوكهم المرفوض شرعاً وعرفاً، محاولين نشر ثقافتهم التخريبية البائسة في وطننا انتشار النار في الهشيم اليابس، لكنهم سيتعطلون بحول الله، وستتدهور أحوالهم من سيئ إلى أسوأ، لأنهم مارسوا طويلاً اأخطاء الفظيعة، والأقوال المريرة، والتنظيرات التخريبية، والسلوك المشين، والتصرفات البغيضة واللامعقولة، أنني أنصح هؤلاء الأشخاص بعد أن تعروا كلياً وأنكشفوا وبانت نواياهم وأهدافهم الشريرة، اختيار قمة جبل شاهق ليرموا أنفسهم من فوقها، ويقرروا الرحيل عن حياة لا تستحقهم، ولا تتباهى بهم، وتلفظهم البتة، ولا تتسامى بهم، ولا تقدرهم، لأنهم ليسوا من أصحاب الصراط السوي وإن أدعوا وتمظهروا وتخفوا وتدثروا ومثلوا، فقلوبهم ليست بيضاء، ولا مفعمة بالحب، ولا نقية، ولا بهية، ولا هي عامرة بالصدق والإيمان والمحبة والسلام.