يحكي لي أحد القراء قصة معاناة والدته من التهاب فيروسي أصاب عينيها بسبب استماعها لنصيحة من شخص مجتهد. ولقد كان فحوى النصيحة أن مياه زمزم كفيلة - بعد الله - بشفائها مما أصابها. ولقد اعتمد المجتهد على ما عُرف عن ماء زمزم في المصادر الشرعية والتجارب الشخصية، من كونه سبباً في شفاء العديد من الأمراض؛ الأمر الذي جعل السيدة تغسل عينيها بماء زمزم، ثم حدث ما حدث لها.
الطبيب المعالِج لهذه السيدة أفاد بأن مياه زمزم لم تكن نصيحة جيدة، وكان من المفروض أن تستشير هي أو أن يستشير أحد أبنائها أو بناتها طبيبها المعالِج، خاصة أنه كان قد أمرها باتباع العديد من الإجراءات الاحتياطية التي من شأنها عدم تعريض العينين لأية احتمالات خطر، سواء الضوء الزائد أو الهواء الملوث أو السوائل ذات المركبات القوية.
هناك العديد من المجتهدين الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الناس، فتجدهم يفتون في أمور الطب والتربية والاقتصاد والدين والعلاقات الأسرية.. ولا يترددون حتى في الإسهام بعلومات عن الجيولوجيا وعلوم الفضاء وتقنية النانو والتغيرات الوراثية للأجنة قبل تكونها في أرحام النساء. ومثل هؤلاء لا يستطيعون التوقف عن الإفتاء؛ لأن ميكروبات التدخل في شؤون الغير تنهش عقولهم وألسنتهم نهشاً مميتاً، ولن يحيوا حياة طبيعية إن لم يدمِّروا بيتاً أو بيتَيْن في الليلة الواحدة!
المأساة أن مواقع التواصل الاجتماعي منحت للمفتين المدمرين منصات بث واسعة، تصل لكل قرى المعمورة في ثانية واحدة.