على وقع انتقادات حادة، وجهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، على خلفية ما وصفه بالتراخي في مكافحة الإرهاب، تأتي كلمته - أيَّده الله - خلال استقباله عدداً من السفراء المعتمدين في المملكة، بأن: « خطر الإرهاب سيمتد إلى أمريكا، وأوروبا، في حال لم يتحد العالم في محاربته»، انطلاقاً من أفق مستقبلي جدير بالتأمل، حول ضرورة تعزيز التعاون الدولي،
واتخاذ التدابير الفعَّالة، والعملية؛ لمنع الأعمال الإرهابية، ومحاكمة مرتكبيها، ومعاقبتهم، جزءاً من رسالة المملكة، وقيادتها تجاه الإسلام، والمسلمين، -خصوصاً - وأن الراصد للتحولات الإقليمية، والمتغيّرات الدولية، سيدرك أن رأس الفتنة منبعها من الغلو، والتطرف، والإرهاب، فهو أساسها، ووسيلتها.
لم يكن تنظيم القاعدة، أو داعش، أو النصرة، سوى خطوط حمراء رسمتها مراكز الأبحاث بخصائصها الاستخباراتية، والأمنية، وذلك على وقع شعارات فارغة، بدأت منذ الحرب العالمية على الإرهاب عام 2001 م ؛ لتتصاعد بعد ذلك في منطقتي - الشرق الأوسط وشمال إفريقيا-، فحكمتها اعتبارات المصالح المشتركة، جعلت من التعاون فيما بينها، وبين تلك المنظمات الإرهابية أمراً وارداً، وممكناً، وفق إستراتيجية سياسية معينة، تعتمد على وسيلة الرعب، والتي تهدف إلى تغيير نسق سياسي، أو نظام سياسي معين.
أكدت كلمة خادم الحرمين الشريفين، أن خطر الإرهاب، والإرهابيين، ما زالا قائمين، بل ممتدان في العديد من الدول البعيدة عنه، وأنه يهدّد الجميع دون تمييز، أو استثناء، وأنه سيتسبب في تقويض التنمية الاقتصادية، والاجتماعية، مما يتطلب معه ضرورة مواجهته بكل الوسائل، وعلى كافة المستويات المحلية، والإقليمية، والدولية، ومعالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب، والعمل على تدابير منعه، ومكافحته، وتعزيز دور منظومة الأمم المتحدة في هذا الصدد، والتأكيد على التدابير الرامية إلى ضمان احترام حقوق الإنسان للجميع، وسيادة القانون بوصفه الركيزة الأساسية لمكافحة الإرهاب.
في المقابل، فإن التحديات الأمنية المتعلقة بالأخطار، والمنبعثة من الإرهاب على الأمن، والنظام العام، أدى إلى التضحية بحقوق الإنسان. وعليه، فإن مواجهة الإرهاب لا يمكن أن تتم خارج حكم القانون، والذي تندمج فيه قواعد المنع، والتجريم، والعقاب مع قواعد حماية حقوق الإنسان، فكلاهما طرف في معادلة واحدة، يستقيم بها حكم القانون.
إن التغلب على الخصومات السياسية، والأيديولوجية، سينعكس إيجاباً على مصالح الدول، وسيجعل المجتمع الدولي قادراً على مواجهة الإرهاب. وسينتج عن الاصطفاف العالمي لإكساب مفهوم الإرهاب دلالات واضحة، على أساسه تكتسب عملية مكافحته طابعاً دولياً، - لاسيما - وقد وصل المشهد الدولي العام إلى التوتر، وحالة عدم الاستقرار، - وبالتالي - انعكاس الأعمال الإجرامية التي اقترفتها تلك المنظمات الإرهابية باسم الإسلام - مع الأسف -.