وطني أظلّك من خيالي واسعهْ
فظهرْتَ أجملَ إذْ أَقَلَّكَ واقعُهْ
سكنتْ فؤادي منك أطول قامةٍ
ولِطيبِ ذكرك في الفؤاد مواقعهْ
لا تعذلوني في هواه فللهوى
آياته وحباله ومصارعه
لم تزه في عينَيَّ - رغم جمالها -
ساحاته وقصوره وشوارعه
كلا ولم تكُ من مجالِي حسنه
وديانه وسهوله ومرابعه
وطني له فوق المواطن رتبةٌ
ويَظَلُّ أبعَدَ أن تحاطَ منافِعُهْ
أعطى له الحرمان أشرفَ قيمةٍ
وله - خلا كل المواطن - طابَعُه
مهوى قلوبِ المسلمين جميعهم
فوجٌ يَفيض به وذاك يُوادِعُه
كل النفوس تروم واسعَ رزقِهِ
وتَؤم واهج مَجده وتُطَالِعه
ما أُشرِعت حُرُماته أبداً ولا
سُدَّت عَنِ الذكر الحكيم مسامعه
ولَو أنَّ داراً قد أُصيبتْ، كفُّهُ
جادت وسالت للمصاب مدامعُهْ
وبكفه الأخرى وَقِيدةُ غاضبٍ
يرمي بها من جيَّشَتْهُ مطامعه
وطنٌ لشرعِ اللهِ أصبحَ حامياً
وبِهَديِهِ الصافي تفوحُ جَوامِعُهْ
إن لمْ يعَمِّرْ حُبَّهُ قلبي ولم
تَتَشَرَّبِ الحبَّ النقيَّ مجامِعُهْ
فأُسرُّ إن تبدو عليه مَسَرَّةٌ
وتُمِضُّنِي آلامُهُ ومَوَاجِعُه
أبداً فلا طابت حياتي ساعةً
والقلبُ أنواعُ الهوى تَتَنَازَعُهْ
فحمايةُ الأوطانِ واجبُ أهلِهِا
ومنِ استهان بها هوانٌ واقِعُهْ
حتى وإنْ لبس القناعَ دَرِيئَةً
سَقَطَ القناعُ وخابَ سعياً واضِعُهْ
فظهورنا أسواره وصدورنا
وإذا النَّفِيرُ يسيرُ نحنُ طلائِعُهْ
ولخادم الحرمينِ في أعناقِنَا
عهدٌ وعهدُ اللهِ يأثَمُ قاطِعُه
يكفيكَ مما فيه طِيبةُ قلبِهِ
وشُمُوخُهُ ورسوخُهُ وتَوَاضُعُهْ
أضدادُ ما اجتمعت سِوى في شخصهِ
تَزهو بِمَنْ ربُّ البَريَّة رافعُهْ
لا تسألوا عن سِرِّهِ فأبوهُ من
لَمَّ الشتاتَ وما ثَنَتْهُ شَواسِعُهْ
ولِأَجلِ هذا المُلْكِ قدَّمَ روحَهُ
مَهراً؛ لِيَغْمُرَنَا جَنَاهُ ويانِعُهْ
وطنُ الإخاءِ ولا إخالُ مُوفَّقَاً
لا تهتدي نحوَ الكرامِ أَصابِعُهْ