مازلت أصر على الاسم الذي اختاره التنظيم في مرحلة من مراحل تكونه؛ وهو «داعش» حين التأم ما سمي بـ «دولة العراق الإسلامية» بقيادة أبي عمر البغدادي الذي قتل 2010م وخلفه أبو بكر البغدادي مع تنظيم «جبهة نصرة أهل الشام» بقيادة أبي محمد الجولاني؛ فأطلق التنظيمان على هذا الاتحاد «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ورمز لكل اسم في هذا الاسم بحرف «د، ع، ش» وهنا نسي التنظيمان أن يرمزا للافتة التي يستظلان بظلها ويزعمان أنهما يقاتلان من أجلها؛ وهي «الإسلامية» فقد غابت هذه الكلمة عن الإشارة إليها في الاختصار؛ ولكنهما لم يجدا مكاناً مناسباً لتضمين السين مع الحروف الثلاثة فيما يبدو، أو أن الأهداف الأخرى «الباطنية» عند تنظيم العراق»
و «السياسية السلطوية» عند جبهة النصرة؛ غلبا على العنوان!
أما ما يقال إن تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» المختصر له ـ « داعش» قد تفكك وانحل بتطوره إلى «الدولة الإسلامية» مطلقة من دون تحديد متساوقة مع مشروع «الخلافة « الذي يؤمن به التنظيمان وغيرهما ممن ينتسبون إلى الفكر القاعدي؛ فإن ذلك غير صحيح، ويقطع التسلسل الزمني لنشأة التنظيمات المتطرفة منذ أن بدأت بـتنظيم «التوحيد والجهاد» على يد أبي مصعب الزرقاوي 2004م إلى أن أعلن عما اسمته « الدولة الإسلامية» 2014م ويمكن الرد على القول باضمحلال وتفكك «داعش» بما يلي :
- لم يطلق هذا الاسم أبداً على أي تنظيم يقاتل في العراق أو في الشام قبل اتحاد أبي بكر البغدادي وأبي محمد الجولاني تحت اسم « الدولة الإسلامية في العراق والشام» .
- لم يختص أبداً «داعش» بعد أن اتحد التنظيمان العراقي والسوري بالحرب في قطر واحد؛ أي في العراق أو في الشام؛ بل كانا يستهدفان النظامين؛ وإن كان التنظيم قد اخترق لاحقاً من قِبل المخابرات السورية والعراقية، ودخلته عناصر بعثية وشيعية متطرفة من ضباط مخابرات الدولتين وأسهما في تغيير بوصلة القتال من إسقاط النظامين السوري والعراقي إلى إسقاط كل الفصائل الثائرة ضد النظام، ومن هنا افترقت «جبهة نصرة أهل الشام» عن تنظيم البغدادي الذي كان «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ثم أصبح «الدولة الإسلامية» وبقي داعش ينفذ أجندته؛ وهي إسقاط كل الفصائل الثائرة ضد نظام الأسد بالتنسيق معه استخباراتياً وبتبادل تسلم وتسليم المواقع بطريقة تمثيلية منسقة للتمويه على جحافل السذج الذين يقاتلون معه!
أما الجولاني وجبهته؛ فقد بقي محافظاً على هدفه وهو إسقاط نظام بشار، وأصبح يقاتل على جبهتين: الحليف القديم الذي أصبح عدواً، وهو «داعش» قبل أن يتسمى بـ «الدولة الإسلامية» والعدو الأصلي الأسد!
- كل العناصر القتالية القديمة التي كان ينهض عليها تنظيم «داعش واستظلت بالاسم الجديد» الدولة الإسلامية «ساعية إلى تحقيق الطموح الكبير» الخلافة «المزعومة؛ وبخاصة عند المغرر بهم من ذوي العواطف الدينية السطحية الجامحة وضعيفي الاطلاع على الأوضاع السياسية ومن ليس لديهم زاد كافٍ من العلم الشرعي يحجزهم عن الاستسلام لخلب الشعارات والأماني، ويقف بهم عن الانخداع بتطبيقات النصوص الدينية من الأحاديث النبوية الشريفة في غير مواضعها وأزمنتها.
- فالقول إن تنظيم «داعش» قد تفكك وانحل بعد أن وسع طموحاته غير دقيق أبداً؛ والصواب أنه انقسم على نفسه كما ذكرت، والآن بدأت ملامح عودة وشبه اتحاد بين التنظيمين تعود مع الحملة التي يشنها التحالف الدولي على تنظيمي الدولة الإسلامية وجبهة النصرة؛ باعتبار أن لهما أجندة واحدة وينتميان إلى فكر واحد؛ وإن افترقا في بعض الأهداف.