بثت قناة الإم بي سي مساء الأحد الماضي حلقة من برنامج (الثامنة مع داوود) كانت عن المؤسسات الخيرية الوهمية، واتخذت من عدنان العرعور، المقيم السوري في المملكة، مثالاً في كيفية توظيف العواطف الدينية واستغلال الأحداث والصراعات لكسر الأنظمة والقوانين، وشارك في الحلقة حضورياً نخبة من المتخصصين في هذه المجالات ومحامٍ معروف، كما تضمنت الحلقة فتوى لسماحة مفتي عام المملكة تقضي بسلامة حصر هذه التبرعات من الناحية الشرعية في جهات بعينها مرخصة من الحكومة، لضمان سلامة القصد ووصول التبرعات إلى مستحقيها لا إلى (غيرهم)، وكذلك شارك على الهواء مباشرة الشيخ عبد الله المنيع بصفته عضواً في هيئة كبار العلماء، وأكد ما قاله سماحة المفتي، وأصل فقهياً لحصر هذه التبرعات في جهة معينة بأنه جائز، وضربٌ من ضروب تقييد المباح، والذي هو من الحقوق الحصرية لولي الأمر - (الحكومة) - دون سواه.
الخطورة في الموضوع أن العرعور ليس لديه ترخيص ويستلم بعض التبرعات «كاش» ولا يُبالي وذريعة جمعه للتبرعات أنه سوري، وملتزم دينياً، ويتزيأ بزي طلبة العلم الشرعي في بلادنا، ويبدو أن هذا التمظهر فقط فتح له الباب على مصراعيه، لأن يصل إلى هذا المستوى من الاستهتار بالأنظمة وعدم المبالاة بمقتضياتها؛ وهذا لا يمكن أن يرضى به من يهمه وطنه، وسمعة وطنه، خصوصاً في المحافل الدولية التي تتكاتف فيها الدول الآن، ومنها المملكة، على حرب الإرهاب، وثقافته، وتسد كل الطرق على تمويله.. فكيف - بالله عليكم - يُترك هذا العرعور وأولاده وأقاربه يتصرفون ويتعاملون ويطلبون التبرعات وينفقونها أو يحوّلونها دون أية رقابة أو محاسبة؟
ثم كيف استطاع أن يستلم من الناس تبرعاتهم نقداً - كما أقرَّ بذلك أحد من يعملون عند العرعور في اتصال هاتفي به - ويودعها في حسابه البنكي أو يحولها خارج البلد ولا يُسائله أحد من أين لك هذا (الكاش) ومن الذي يستلمه في الخارج؟
أكاد أجزم أن النظام لا يمكن أن يقر مثل هذه التصرفات بموجب تعليمات مؤسسة النقد لو لم يكن وراء الأكمة ما وراءها!
سؤالنا فقط هو: هل يحق لمن وراء الأكمة هذا أن يضرب بأنظمة المملكة عرض الحائط ولا يلتفت لها؟
وليت الأمور توقف عند المال وتحويلاته وكسره للأنظمة بل أسس قنوات فضائية، طائفية، يعمل فيها طائفيون، همها وغاية ما تهدف إليه، أن يُجيّشوا السنّة ضد الشيعة؛ ومن خلال هذا التجييش وهذا التحميس، يمرر رسالته للبسطاء لتنتقل هذه (المصريات) إلى العرعور وأبنائه، أما السبب فلنصرة المجاهدين أو لإغاثة اللاجئين، والله أعلم بمصيرها، وإلى أين تذهب؟
والسؤال الآخر: هذه القنوات الفضائية الطائفية.. من سمح بها؟ ومن أعطاها ترخيصاً؟ ومن سمح لبعض السعوديين بالعمل فيها؟.. والأهم: من يموّلها؟
يقولون: في أوربا، وفي العصور الوسطى، أبادت الحروب المذهبية بين الكاثوليك والبروتستانت أكثر من 70 مليون إنسان، ثم اكتشفوا أن الحروب لا تغيّر القناعات، ناهيك عن المذاهب، فتعايشوا رغم الاختلافات.. فهل لأننا لا نقرأ التاريخ، ومحصورون ثقافياً في شرنقة تاريخنا، وتجاربه، لا بد وأن نمر بذات التجربة، حتى نقتنع أن التجييش المذهبي شرارة الحروب والفتن الطائفية، وهي أخطر من الأوبئة إذا انتشر ت في مجتمع ما؟
دعونا نرى خاتمتنا مع هذا العرعور وقنواته الفضائية.
إلى اللقاء.