البحث في التاريخ وأوراقه الصفراء، والاختصام حول من بدأ ومن اعتدى ومن صفح ومن عفا، والدوران في حلقة مفرغة بين السنّة والشيعة، لن يخلق وحدة وطنية متماسكة، ولن يوجد مستقبلاً نهبه لأبنائنا من بعدنا.
لن تأمن أوطاننا ونحن مشغولون بقضايا الماضي، التي يحاول الأعداء والمتربصون والحاسدون إثارتها بيننا، من أجل ضرب استقرارنا وتنميتنا حسداً من عند أنفسهم وتوقاً إلى نيْل ثرواتنا ورؤيتنا في فرقة وشتات وفقر واحتراب.
حين جاء التنزيل الكريم من عند الله تعالى كان المسلمون وحدة مؤتلفة، وحين توطّدت دولة صدر الإسلام في المدينة ثم مكة، كانت سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه هي النموذج في الإخاء بين العرقية (من أسلم من شتى القبائل والأمصار)، وبين الحزبية (الأنصار والمهاجرون).
وعلينا نحن أحفاد هذه الدولة المشرقة، أن نتخذها هدياً فنهتم بما ورد بالقرآن الكريم، وبما ثبت من السنّة الصحيحة المطهّرة، ونترك ما عداهما من فذلكات المفسرين والمؤرِّخين، فنستقبل الحياة بدين ثابت وإيمان عميق، وننسى احترابات الماضي وخلافاته، فالغد يوم جديد له شمسه الجديدة، فلنجعلها تشرق بلا حجب أو غيوم، ولنا في اليابان عبرة، فقد تركت ما استدبرت والتفتت لما استقبلت، فنسيت هيروشيما، وها هي اليوم تتفوق على من أحرقها! لأنها أعلنت الحرب على الجهل والفتنة ومحرضي القتل، وعملت على تربية أبنائها على حب العلوم والفيزياء والرياضيات، وعلى حب الحياة وقيم التسامح، وهذا ما يريده الله سبحانه لنا في إعمار الحياة.