الإرهاب الإلكتروني لم يعد قضية محصورة بدولة محددة بل أصبح قضية عالمية ، كما أنه لم يعد محصورا في تلك المواقع المتهمة بالتحريض على الإرهاب أو التي يقوم من خلالها الإرهابيون ببث سمومهم ونشرها لكافة المجتمعات،
أو تلك التي يتم من خلالها تجنيد الراغبين في الذهاب إلى مناطق الصراعات والحروب بل أصبح إرهابا ذا أشكال متعددة ومتغيرة يوماً بعد يوم.
هناك دراسات تفيد بأن عدد مايصنف بأنه مواقع إلكترونية إرهابية تضاعف خلال العقد الأخير من بضع مئات إلى آلاف المواقع بل وعشرات الآلآف، كما أوضح قبل سنين محللون يعملون في وزارة الدفاع الأمريكية أمام لجنة في الكونغرس أنهم يراقبون مايقرب من خمسة آلاف موقع الكتروني إرهابي وهذا الأمر دفع بالرئيس الأمريكي للتصريح بأنهم سيقومون بحملة لمراجعة السبل المتاحة في الولايات المتحدة لإحباط عمليات التجسس والقرصنة الإلكترونية وكافة القضايا المتعلقة بالأمن الإلكتروني مشبهاً خطر الإرهاب الإلكتروني بالخطر النووي أو البيولوجي في حين عبر مسؤولون آخرون في الحكومة الأمريكية بأن الأمن القومي والاقتصادي الأمريكي يرتبط بأمن واستقرار وسلامة الشبكة المعلوماتية في الولايات المتحدة.
وعلى مستوى الأفراد فإننا نجد بأن هذا الإرهاب الإلكتروني نشط فلا يكاد يمر يوم إلا ونسمع عن اختراق لأحد المواقع الإلكترونية أو الحسابات الشخصية في بعض وسائل التواصل الاجتماعية لبعض الشخصيات المعروفة حول العالم المشهورين وقد تساهم تلك الاختراقات في تدمير معلومات ظل أصحابها يعملون عليها عشرات السنين بل قد تساهم في تدمير أبحاث ودراسات هامة .
إذا فنحن اليوم أمام قضية تتطلب وضع العديد من القوانين والأنظمة الواضحة والتي تجرم مثل تلك المواقع التي تهدد أمن المجتمع إذ أن الرقابة وحدها لن تكون الحل الأمثل لهذه القضية، فمع كل إلغاء ومنع تفتح نافذة وباب من قبل القائمين على تلك المواقع الإرهابية، فلايكاد يوجد نظام إلا ويتم العثور فيه على ثغرات.
في المقابل فإن الحلول التي قد تتجاوز احترام خصوصية الأفراد هي أيضا لن تكون حلولا مجدية وهذا الأمر يجعلنا نحرص على أن نعمل كفريق عمل واحد لمواجهة المخاطر الموجودة اليوم وتوفير أقصى درجات التوعية والتثقيف لحماية مجتمعنا من مثل هذه الهجمات الإرهابية، فمواجهة الإرهاب الإلكتروني ليست قضية حكومية فقط بل هي قضية المجتمع بأكمله، والإنترنت اليوم هو وسيلة من بين العديد من الوسائل التي يمكن أن يستخدمها الإرهابيون لإلحاق الضرر بأي مجتمع ، ولاتنحصر القضية في المواقع بل أصبحت تهاجم الأشخاص وعلى مستوى شخصي فتصل رسائل التهديد على الجوالات من جهات غير معروفة كما تصل على الإيميلات حتى أصبح الإنسان يشعر وكأنه مهدد في كل لحظة ومن جهات وأفراد غير معروفيين، وفي حال إبلاغ الجهات المختصة بتلك التهديدات فإن إجراءات التقصي تحتاج إلى وقت طويل وفي معظم الأحيان لايصل صاحبها إلى نتيجة واضحة.
لقد ساعد في انتشار مفهوم الإرهاب الإلكتروني ظهور البعض بمظهر ( اللص الشريف ) فهو يقوم بأعمال غير قانونية أو نظامية في سبيل دعم ومساندة بعض فئات المجتمع فيسعى لكشف بعض الحقائق عن بعض الأحداث أو إظهار بعض المعلومات السرية عن بعض الجهات مما ساهم في أن تصبح له شعبية وهذا الأمر شجع آخرين للقيام بنفس الدور.
قد يكون من الصعب القبض على المسؤولين عن شبكات الإرهاب الإلكترونية في بعض الأحيان لعدم وضوح هويتهم ، غير أن بعض الإرهابيين يفصحون عن هوياتهم ويؤكدون توجههم في نشر أفكارهم المسمومة ويهددون الآخرين ويتوعدون ومع ذلك لانرى أي إجراء اتجاههم ولانزال نرى بعضهم موجوداً على شبكة الإنترنت مما يتطلب منا إجراء فوريا لحماية المجتمع منهم.
إن الإرهاب الإلكتروني قضية هامة واستراتيجية وتحتاج منا إلى تعاون وتكاثف وتنسيق ومتابعة وتوازن بين ضمان أمن واستقرار الوطن وحماية حرية الأفراد وخصوصيتهم.