نماذج كثيرة كانت أملاً فصارت ألما، في العلاقات الإنسانية المختلفة كثيراً ما نرسم أملاً معينا في علاقاتنا فيتحول في بعضه ألما يعصر القلب ويدمع العين وربما يحطم بعضاً من المستقبل.
في الحب بكافة أشكاله تتضح صورة هذا الأمل الذي تحول إلى ألم، في قصص المحبين ما يحكي هذا الواقع بكل ما تعنيه الكلمة.
في البنين والبنات نرسم الأمل بكل تفاصيله الدقيقة، أملٌ في جيل يحمل العبء الثقيل الذي أثقل كواهلنا سنين وسنين، نتخيل الخيالات الجميلة، نبتسم ونحن ننظر في وجه هذا الصغير وتنقلنا الخيالات إلى سنوات قادمة وقد صار هذا الصغير كبيراً نفتخر به بين الناس, ونركن إلى الراحة فقد صار لك معيناً، بل صار هو أنت حمالاً للمسؤولية بكل تفاصيلها المبهجة, نفرح عندما يخطو خطواته الأولى، وتشرق وجوهنا عندما تبدو عليه علامات الرجولة، ندفع كل غالٍ ونفيس من أجل أن يكون بناؤه صحيحاً، نجاهد في سبيل تعبيد الطريق لصلاحه ليكون لبنة صالحة لدينه ووطنه وأهله، نتنازل عن كثير من رغباتنا من أجله، نفعل هذا وأكثر كما فعله من قبل والدونا، ولكن..وما أصعب هذا الاستثناء على النفس, فهي لا تريد هذا الاستثناء أبداً، ولكن عندما يتحول هذا الأمل إلى ألم يعصر القلب ويبكي العين ويطأطئ الرأس..تكون الفاجعة، ويكون الألم بدل الأمل، دعوني أوجع قلوبكم بحروفي قبل أن توجعها الفواجع، فربما حروف دفعت حتوفا.
البنت والابن، يتشكلان في الغالب بناء على معطيات محيطه الأسري والمجتمعي والتعليمي، سلباً وإيجابا، والتربية بلا شك هي العمود الفقري لكل تشكيل، لكنها ليست دائماً هي المؤثر الوحيد في هذا النضج أو في هذا الصلاح، الآن في كفه أو كفها تشكل جديدا يدفع بهما للخير أو للشر، ويحدث هذا في غفلة من الوالدين، بل ربما يحدث في عدم اكتراثهما مما يحملانه من تقنية مفجعة إن لم تستخدم الاستخدام الصحيح.
أملكم أيها الآباء والأمهات قد يكون ألماً مفجعاً إن لم تعوا دوركم وتتعاملوا مع فلذات أكبادكم التعامل الصحيح الذي لا يخلو من الصرامة أحياناً، فما أفسد أخلاق الكثير إلا العاطفة الزائدة، والتعامل بيدٍ من حرير مع كل تفاصيل حياة هذه البنت أو هذا الابن.
في قصص المدمنين والشاذين ما يدمي القلب ويدمع العين، وللقصص التي يرويها مسؤولو اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات ما يؤكد أن سبب هذا الانهيار الأخلاقي لدى صغارنا ضعف الرقابة من قبل الوالدين، وعطفهما وحنانهما الزائد.
سمعت من الأخوة في اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات بعض القصص لبعض الشباب والفتيات المؤلمة المبكية، سمعت قصصاً تدل على وجود خلل أسري يجعل من هؤلاء المراهقين والمراهقات صيداً ثميناً للمجرمين سواء مروجي المخدرات، أو بيوت الدعارة والفساد, في بعضها مصدر الإفساد هذا الجهاز الذي يقلب فيه ناظروه ليلاً ونهاراً, يتواصل مع معرفة ونكرة، يسمع ويشاهد، ويضرب المواعيد، في غفلة تامة من أولياء أمره أو أمرها، فالخطر لم يعد محصور في الشارع, بل صار الشارع أكثر أمناً وسلامة من بعض البيوت الغافلة.
الألم..الأمل، حالة يجب أن نعترف بوجودها وأن نسعى لإصلاح هذا الخلل التربوي الأسري الخطير, فالمسألة ليست حالة عرضية وتزول، بل هي حالة مصيرية تدوم، فيها عار ودمار وسوء مصير.
عذراً إن جاءت حروفي لكم اليوم دامعة مؤلمة، فما هي إلا حروف المسؤولية التي أرى من واجبي أن أبسط فيها القول، محاولة لحماية فلذات أكبادنا من العار وسوء المنقلب والمآل.
ماهي إلا إشارات وضعتها بين أيديكم، واللبيب بالإشارة يفهم.
والله المستعان.