الفنان زكريا الزيني درس الفن وتخرج 1960 في كلية الفنون الجميلة بالزمالك, وكما أكمل دراسته العليا وحصل على دبلوم أكاديمية فينسيا 1964 وأكاديمية رافنا 1966، وعمل أستاذا بقسم التصوير ووكيل كلية الفنون الجميلة. عاشق لمفردات الحياة المصرية ومتعمق في تفاصيل المشاهد الشعبية.
منها أعماله التي توثق الألعاب مثل النشان - الزار- وعروسة المولد وأبدع في نقل رموزها الشعبية خطوط وألوان, كما أجاد في تقديم أعمال تتسم بالإثارة والجذب مع ما أضافه تعبير تعبير بإيحاءات فلسفية وهي بيت القصيد في موضوعنا اليوم، ومنها معرضان كاملان استوحاهما من القمامة.
يقول الفنان زكريا عن هذا التوجه واختيار هذا الموضوع أن الفكرة جاءت من الواقع الذي تشكله القمامة وما وصلت إليه من محاصرة للبشر في كل مكان، واصفا في حديثه ما يراه في المساء من عبث القطط عند دحرجت القمامة في سلالم العمارات مرورا بقذفها من المناور، وصولا إلى ما تزخر به الشوارع وبكميات كبيرة.
هذا الواقع العام لم يكن هو الأصل في التعبير فقد كان الفنان زكريا يسعى لأن يبين أن في القمامة شكلا جميلا التي شملها بما يمتلكه من قدرة على تبيان مكامن الانسجام والاتساق والتناغم ولا ننسى الإنسانية التي نشعر بها عندما ننوي إعدام ما كنا نسعد به عند أكله إن كان غذاء أو ما يتعلق بالملبس أو ما كان يضفي على المكان جمالا من إكسسوارات وقطع أثاث وخلافها، وكأني به يتساءل هل نرى هذا الأمر جزءا من الجمال وكيف بنا نحرص على ما يتعلق بمظاهرنا رجالا ونساء دون أن نعي ما يحدث بسبب قذف القمامة بهذا الشكل من الفوضى.
أعود لجزء من هذا التنوع الفلسفي للفنان زكريا مع إعجابي باختياره القمامة، وكيف لنا أن ننظر لها بهذه النظرة الدونية كشيء مقزز، في حين أن ما فيها تم اختياره بمحض إرادتنا.
وقد ينطبق هذا التصوير أو تخيل المشهد على كل ما يدور في حياتنا ليتراءى لنا السؤال.. هل نقذف بأي شيء في الزبالة..؟، وهل هذا الأمر ينطبق على العلاقات الإنسانية..؟
لقد منحنا الفنان زكريا فرصة لتجاوز النظرة العادية للقمامة إلى ما هو أسمى نحو التفكر والمقارنة وكيفية النظر إلى جوانب الجمال في زوايا القبح فليس لنتفق على أن ليس هناك شيء قبيح ولكن الأمر يعود إلى كيفية نظرتنا للحياة.