فاصلة:
(الشجرة تستند إلى الشجرة، والإنسان يستند إلى البشر)
- حكمة عالمية -
انطلقت منذ يوم الأحد الماضي حملة أسبوع النزيل الخليجي الموحّد الثالث لهذا العام تحت شعار «خذ بيدي نحو غدٍ أفضل».
ولفت نظري الشعار لأنه يعمل على المستقبل الذي يعد مجهولاً بالنسبة للنزيل ولذلك ولكي لا يكون أسبوعاً يحتوي على الأنشطة المحددة لفترة قصيرة، كنت أتمنى أن يكون هناك اتفاقيات مع الجهات المشاركة لتنفيذ التوعية بحق النزيل في الحياة الكريمة في المجتمع من خلال برامج مستمرة.
على سبيل المثال حين تشارك وزارة التربية والتعليم في هذه الحملة فمن المهم أن تكون قيمة احترام حق النزيل والنزيلة في الحياة الكريمة مدرجاً ضمن سياسة المدارس التوعوية تجاه كثير من الظواهر الاجتماعية.
وقيمة إنسانية مثل هذه يحتاج ممارستها أطفالنا وشبابنا قبل أن يلتحقوا بالجامعات.
ومن المؤسف أنه لا توجد في مناهجنا أي مواد أو حتى موضوعات في المواد تنبذ العنصرية مثلاً أو تنادي بالسلام الداخلي والتسامح وقبول الآخر المختلف وحتى المخطئ بعد توبته.
تركيزي على المدارس لأن التأسيس مهم والمدرسة تلعب دوراً أساسياً في تشكيل شخصية الطفل بعد الأسرة.
ولو أن المدارس تعمل وفق مناهج لا تسعى لتحفيظ الطفل المعلومة بقدر ما تفتح له آفاق المعرفة لتغيّرت سلوكيات كثيرة في مجتمعنا.
وبالطبع هذا لا يلغي دور الأسرة فهي أول من يزرع القيم في وجدان الأبناء الذين يكبرون ويساهمون في تنمية المجتمع.
وقد كشف الدكتور عبدالله اليوسف في دراسة حديثة أجراها على عدد من المواطنين لمعرفة اتجاهاتهم نحو السجناء المفرج عنهم،
أنه على الرغم من وجود اتجاهات إيجابية بين أفراد المجتمع نحو المفرج عنهم، إلاّ أن هذه الاتجاهات الإيجابية ليست عالية خاصة على مستوى التقبل الاجتماعي والاندماج الكامل في المجتمع.
وأن 77.5% من العينة يرفضون التعامل مع المتهمين في قضايا المخدرات، و68.8% يرفضون التعامل مع المفرج عنهم في قضايا أخلاقية.
يبدو مؤلماً ومحزناً أن يرفض المجتمع قبول النزيل بعد انتهاء فترة سجنه كفرد ينتمي للمجتمع مع أن ثقافتنا الدينية تؤمن بالتوبة ولا تجرم الإنسان لأجل خطأ ارتكبه ما دام عقد النيّة على عدم تكراره.
مؤسف أن تتحول أسرة النزيل من حاضن له إلى مصدر ألمه فترفض استقباله كما يحدث مع النزيلات.
وكأن الأسرة التي كانت أحد العوامل التي تسببت في ارتكاب النزيل لخطئه أو جريمته تتنصّل من مسؤوليتها في احتوائه.
ولذلك تكون المسؤولية أكبر في دور وزارة الثقافة والإعلام في إعطاء الأهمية لنشر القيم الإنسانية في المجتمع.
حيث أصبح تغليب الأعراف الاجتماعية في التعامل المجتمعي لدى البعض، يفوق الالتزام بتعاليم الدين الإسلامي الذي ينادي باحترام حق الإنسان بالعيش الكريم.
الأسرة التي ترفض احتواء النزيل أو ترفض استقبال النزيلة هي جزء من مجتمع لم يستطع تعزيز القيم الإنسانية بشكل واضح في وجدان أفراده.
وهي مسؤولية مؤسسات هذا المجتمع الذي عليه أن ينفض غبار القيم الموروثة والالتفات إلى القيم الدينية التي تعلي من قيمة الإنسانية على القيم المستهلكة.