يعتبر اعتراف -مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية- «سي آي إيه» جون برينان -قبل أيام-، بأن: «بعض عناصر جهازه استخدموا أساليب استجواب مثيرة للاشمئزاز، بعد أحداث 11 سبتمبر 2001م»، مشيرًا إلى أنه: «من المستحيل معرفة ما إذا كانت ناجحة في الحصول على معلومات»، دليلا واضحا على تورط أداء وكالة الاستخبارات المركزية في انتهاكات وحشية لحقوق الإنسان؛ وليُنهِي أُكْذُوبة أن أمريكا هي من تحمي، وتدافع عن حقوق الإنسان وهذا ما أثبته -أيضا- تقرير مجلس الشيوخ الأمريكي -الأسبوع الماضي-.
على صعيد الممارسة الفعلية، فإن أمريكا تعد الدولة الأخطر في انتهاك حقوق الإنسان بعد روسيا؛ ولتصبح الأكثر وقاحة بين نظيرتها في استخدام حقوق الإنسان، كمبرر لتلك الدموية غير المسبوقة، -وقريبا من هذا المعني- يذهب -المفكر الأمريكي- ناعوم شومسكي، إلى أنه من وجهة النظر القانونية: «أن هناك ما يكفي من الأدلة؛ لاتهام كل الرؤساء الأمريكيين -منذ نهاية الحرب العالمية- بأنهم مجرمو حرب، -أو على الأقل- متورطون بدرجة كبيرة في جرائم حرب».
من جانب آخر، يتحدث تقرير، بعنوان: «أمريكا.. الدولة الأخطر تاريخيا في انتهاك حقوق الإنسان»، بأن لغة الأرقام هي الفيصل؛ للتدليل على هذا الأمر، فمنذ نهاية الحرب العالمية، وإلى اليوم، هناك «75» حرباً، وتدخلاً عسكرياً، أو دعماً لانقلاب عسكري نفذتها الولايات المتحدة الأمريكية -في مناطق شتى من العالم-، -وكلها- لا علاقة لها بالدفاع عن حقوق الإنسان، أو إضاءة مشاعل الديمقراطية للشعوب المغلوبة، رغم أن هذا ما تم الترويج له. ومن يقرأ اليسير من تاريخ الإدارات الأمريكية المتعاقبة، يدرك -بكل وضوح- زيف الشعارات التي بشرت بها العالم -عقب الحرب العالمية الثانية-، إذ لم تجد هذه الإدارات أي غضاضة في أن تدوس على كل القيم، التي نادت بها، إذا ما تبين أنها تحول دون تحقيق مصالحها الذاتية.
إن مما يؤسف له، أن حقوق الإنسان أصبحت خرافة في ظل الأجواء التي يعيشها العالم -اليوم-، من صراع المذاهب الغربية، وسيادة الدول، والصراع الدولي، وبين حقوق الإنسان، وهذا ما نراه واضحا من تناقض فاضح بين الاعتراف بهذه الحقوق على المستوى النظري، وبين تعرضها للخرق، والانتهاك على المستوى العملي. فالصمت الدولي الرهيب إزاء العمليات العسكرية في مناطق عدة من العالم، هو خرق واضح، وفاضح لمبادئ حقوق الإنسان، -ومثله- الصمت الدولي الرهيب لما يتعرض له -العراق وسوريا- من احتلال، وتدمير، وتفكيك، هو خرق واضح، وفاضح لمبادئ حقوق الإنسان، كما أن اعتقال آلاف الأبرياء، والزج بهم في معتقلات ظلامية، في المعتقلات الأمريكية في أماكن مختلفة، ودون توجيه اتهامات لهم، واستخدام جميع أنواع التعذيب، التي منها: الاغتصاب، واستخدام الكلاب، والضرب بالكهرباء، والقتل خلال الاستجواب، هو خرق واضح، وفاضح لمبادئ حقوق الإنسان.