قرأت الاستفتاء الذي أجرته صحيفة «عكاظ» ونتيجته أن 90% من المشاركين في الاستفتاء الالكتروني يطالبون بزيادة مخصصات الضمان الاجتماعي، ليتناسب مع حاجات الأسر المستفيدة ومقتضيات الغلاء التي نعيشها في الوقت الراهن، والأسعار التي اختلفت جذريًا منذ بداية تخصيص المبالغ التي تم تحديدها لمساعدة الناس.. وأضيف أن كل المخصصات بحاجة إلى إعادة نظر وليست التابعة للشؤون الاجتماعية فقط، وأخص بالذكر مكافآت طلاب الجامعات ورواتب الموظفين وكل شيء، فنحن نعايش مكافآت ورواتب لم تعد تتناسب ووقتنا الحالي، ولا احتياجاتنا الاقتصادية ومتطلباتنا المعيشية التي اختلفت عن ما قبل 10 سنوات أو 20 سنة وأكثر. كل شيء يتغير إلا الرواتب والمخصصات، وإن كانت حاجة الناس للزيادة فحاجة المستفيدين من إعانات الشؤون الاجتماعية مضاعفة، نظرًا لحالتهم الاقتصادية المختلفة، ولو نظرنا مثلاً إلى إعانة الضمان الاجتماعي والتي هي بمعدل 1000 ريال للفرد شهريًا، وأغلب المستفيدين هم يعيشون على هذه الإعانة وحدها، فهل ممكن أن يعيش إنسان في هذا الزمن على هذا المبلغ لمدة ثلاثين يوميًا؟ من الصعب جدًا مع متطلبات المعيشة أن يكفل هذا المبلغ الحد الأدنى من العيش الكريم.
عندما أقارن حجم الإعانات والمنح التي توفرها دولتنا لمواطنيها مع دول أخرى قريبة، أجد أننا -ولله الحمد- نتمتع بنعمة عظيمة، إلا أن هذه الأعطيات يجب أن تتوافق مع متطلبات العصر وحاجاته، وأنا مؤمنة بأن من يعطي يجب أن يعطي الشخص معونة تشبعه، هذا في حال الاحتياجات الخاصة لأسر معينة تستفيد من الضمان وغيره من المخصصات، والأمر لا يختلف كثيرًا على مستوى الرواتب، المبلغ الذي يتقاضاه الموظف قبل 10 سنوات وكان يكفيه فإنه في هذا الوقت لا يمكن أن يكفيه المبلغ نفسه لمدة أسبوع أو 10 أيام، لأن الظروف تغيرت والاحتياجات اختلفت كثيرًا، ومتطلبات العصر والأطفال والدراسة والسكن وحتى الترفيه تغيرت، لأن سنة المجتمعات هو التغير سواء على المستوى الفكري أو الاقتصادي وكذلك على مستوى الاحتياجات.
كل شيء من حولنا يتغير، من أبسط الأمور إلى أهمها، رواتب العمالة المنزلية مرتفعة وراتب الموظف كما هو، أسعار المواد الغذائية تشتاط ارتفاعا وراتب الموظف كما هو، أسعار الكتب واللوازم الدراسية في ارتفاع ومكافآت طلبة الجامعة كما هي منذ أن تم افتتاح أول جامعة بالسعودية لم تتغير ولم تزد، كل شيء من حولنا يتغير إلا الدخل الشهري لذوي الدخل المحدود سواء موظفا يتقاضى راتبا عاليا أو فقيرا يعيش على مخصصات الضمان الاجتماعي!
أطلعت على بعض الآراء المنسوبة لمتخصصين في الاقتصاد أن زيادة الرواتب ليست في صالح الاقتصاد السعودي، وأن هذا يؤدي إلى غلاء الأسعار. قد أتفق مع هذا الرأي في حال أن الوضع لا يشهد غلاء، إلا أن الحال بكل صراحة يشهد ارتفاعا مرعبا ودخلا شبه ثابت، لم يعد بمقدور محدودي الدخل التواؤم مع هذه المتغيرات التي طالت على ما يبدو كل شيء سوى أسعار البنزين الذي نقول -الله يستر- لا يطوله جنون الارتفاع!