التواجد المستمر «معاً» يُشعر بالحميمية، بالتقارب، بتلاقح وجهات النظر. عكس الغياب الدائم الذي يُشعر بالجفاف، بالتباعد، وبتضارب وجهات النظر. لذا فالبشر إما «دوماً معاً» أو «نادراً معاً». لكن مع صحيفة الجزيرة نحن «دوماً معاً» مدراء ورؤساء ومسؤولين وكتاب وصحفيين أو من نكون في منظومة هذه الصحيفة المميزة قلبا وقالبا، روحا وكيانا.
«دوماً معاً» في حلّتها الجديدة للعام الثالث على التوالي، احتفال مدهش، عطاء باهر، جهد حديدي واحتواء لا يشبه سواه كل ذلك وأكثر وجدناه ما أن وقعت أقدامنا على أرض مطار دبي الدولي نحن الذين ننتسب للصحيفة بوجه أو بآخر، وأيضا غير المنتسبين لها من ضيوف طاب للجريدة أن يشاركوننا ونتشارك معا احتفال الصحيفة السنوي في دبي.
ما يعنيني الآن أنني قبل أن أكون كاتبة معتمدة في صحيفة الجزيرة كنت قبل ذلك أكتب في صحيفة سعودية أخرى لها قدرها وقيمتها عند متابعيها وعند أهل المنطقة الصادرة منها, ولأنه لا يحق للكتاب السعوديين الكتابة في أكثر من صحيفة سعودية كان علي الإختيار بين الصحيفة تلك وبين صحيفة الجزيرة, فاخترت بدون تفكير ولا نقاش صحيفة الجزيرة. لماذا بدون تفكير ولا نقاش!؟. لأن تميز واختلاف وتفرد صحيفة الجزيرة مختمر في ذهني من الصغر عندما كنت مجرد متابعة للصحيفة وقارئة بالتالي لا حاجة للتفكير أو النقاش كي أقرر اختار هذه أو تلك. ومن ذلك «اليوم» وحتى «اليوم» وأنا ابنة الصحيفة والقلم الذي ينتمي لها وأزعم أنه قلم بار بها برّي وأكثر.
الاحتقال الأول لصحيفة الجزيرة كان في العام 2012
هذا العام 2014 كان الاحتفال الثالث. أكذب إن لزمت الصمت دون إشارة لاختلافه هذا العام اختلافا ملحوظا عن العام الماضي. اختلافه وهم يقدمون لنا ورش عمل تربطنا بالذي يحدث خلف كواليس الصحيفة من تجهيز وتطوير وإخراج ومن أفكار ومرئيات وشواهد ومن مساحة لا حد لها للتحاور واستطلاع الرأي وكسب الخبرات وتلقي الملاحظات والمرئيات والاعتراض أيضا، بجانب الموافقات. ورش العمل كانت في نفس الفندق محل استضافتنا وإقامتنا في دبي Fairmont The palm بالتالي لا نتكلف عناء المشوار وركوب السيارة والطريق. ورش عمل كأنها تقدم رسالة, أو هي تقدم رسالة الفريق الواحد الذي لا ينتج بمعزل عن العمل الجماعي والجهد الجماعي والرأي المتبادل القابل للأخذ والعطاء وللتوسع وفتح آفاق آراء جديدة غيره. التبادل والتحاور والتعارف وغيرها لم تقتصر على ورش العمل فقط حيث حرص الطاقم التجهيزي للحفل على تخصيص مكان هو لنا مقهى نرتاده، ويعرف ما يحدث ويدور في هذا المقهى من هو على دراية ومعرفة بثقافة المقاهي ودورها الحضاري والتنويري.
استرسالي في الحديث عن الاستقبال والضيافة وسعة الصدر ورحابة الروح وبشاشة الوجه وتوفير كافة المتطلبات لن ينتهي مهما كتبت والأهم قد تقصر اللغة عن الحصر لكن ما يهمني ويدل على كل ما سبق أعلاه أن الجزيرة لم تستضيفني وحدي فقط. كيف ذلك!؟. كانت لدي رغبة في تقريب ابنتي من عالم الصحيفة التي أكتب بها، من مجتمع الصحيفة الأمر الذي دفعني لسؤال الجهة المكلفة بتنفيذ كافة حجوزاتنا هل لديكم متسع لاستضافة ابنتي معي؟ سألتهم وكلي ثقة أنهم سيرحبون، وفعلا رحبوا. أنهوا جميع حجوزاتها. شَعُرت ابنتي خلال أيام الاحتفال والإقامة في دبي كما لو أنها ضمن طاقم الصحيفة لا تختلف عنهم منذ حطت قدمها على أرض مطار دبي حتى غادرنا معا في يوم واحد باختلاف وجهتينا أنا إلى «الدمام» وهي إلى «جدة». غادرت ابنتي والسعادة بجانب الإعجاب بما رأت جعل الذي بداخلها ينطق مبتسما وليس متكلما. ذلك لأن التعابير داخلنا وخارجنا حيال الجزيرة ككل في تلك الأيام الرمز أصدق مما تخطه الأقلام ؛ لأنه الشعور الذي لا يملك الحبر القدرة على إظهاره ولا اللغة على استحضار الكلمات والجمل سوى أن نقول لكم أنا وابنتي كُنّا وسنكون دوماً معكم دوماً معاً بالروح قبل الجسد والكيان.