في كل حين أعمد لترتيب مكتبتي الخاصة فأضيف كتبا جديدة وأزيل أخرى ومنذ أيام كنت أقوم بذلك فوقع نظري على كتاب اقتنيته منذ عشرات السنين عندما كنت أعاني من علاقة سيئة مع مديري آنذاك، عنوان الكتاب «How to work for a jerk» وترجمته «كيف تعمل لدى مرجوج» والكتاب يعرف المدير المرجوج بأنه مدير فاقد للقيم ضعيف الإنجاز يميل للصراعات الشخصية مع مرؤوسيه كثير اللوم متصيد للأخطاء يستمتع في إهانة المرؤوسين أمام الآخرين ويميل للكذب ليخرج من المواقف المحرجة ويبحث دائماً عن كبش فداء للخروج من مأزقه، والمدير المرجوج لا يكاشف ولا يواجه مرؤوسيه عند وجود أزمة عمل بل يميل للغموض والسرية فيما يقرر عن مرؤوسيه. والكتاب يعرض لبعض الخطط والطرق التي قد تزيل بعضا من الإحباط وتخفف وطأة سوء الإدارة، وبتصفح سريع للكتاب لاستذكار ما كان فيه عندما قرأته أول مرة وجدت أنه من المفيد عرض بعض ما ورد فيه للاستفادة، وخصوصاً أنه لا يزال هناك معاناة لدى الكثيرين من مديرين مرجوجين في مكان العمل.
أول نصيحة يقدمها الكتاب للتعامل مع المدير المرجوج هي أن يعي الموظف أن مديره مرجوج وعليه أن يتعايش مع ذلك الواقع حتى يتغير الأمر بزوال المدير أو انتقال الموظف لواقع آخر، وهذا الوعي يجعله أكثر استعداداً للتعامل مع تصرفات المدير وسلوكه، والنصيحة الثانية المهمة أيضا هي أن في الحياة متسع للخروج من وطأة سوء المدير بالانتقال لعمل آخر طالما أن الموظف صاحب كفاءة وإنجاز، والنصيحة الثالثة هي أن لا يحاول الموظف أن يسترضي المدير المرجوج حيث سيعتبر ذلك خضوعاً وبالتالي سيتمادى في إذلال الموظف، والكتاب يستعرض بعض الخطط والتكتيكات التي من خلالها يستطيع الموظف أن يتجنب الضرر من المدير المرجوج منها:
1- كتابة وصف عمل واضح ومسئوليات وصلاحيات محددة للوظيفة واعتمادها من المدير فإذا لم يعتمدها طوعاً ويبلغها للموظف وهو ما سيفعل في معظم الحالات فعلى الموظف أن يجعلها في خطاب رسمي من خلال إدارة الاتصالات لتثبيت ذلك ويصاغ عبارة «أن لم يرد خلاف ما ذكر خلال فترة شهر فيعتبر ما ورد معتمداً».
2- وضع خطة عمل أسبوعية وتبليغها رسمياً للمدير في خطاب وطلب ملاحظاته على ذلك.
3- اعتماد التوثيق مع المدير في كل معاملة، وعند التوجيه الشفوي يحرر الموظف خطاباً للمدير يرسل بصورة رسمية يوضح أنه بناء على التوجيه الشفوي سيتم عمل ما ورد في التوجيه وبتاريخ محدد، ووصف لمخرجات التوجيه.
4- في نهاية كل شهر يكتب الموظف للمدير تقريراً بما تم خلال الشهر المنصرم من توجيهات ومنجزات ويطلب في التقرير ملاحظات المدير على ما تم وإن كان لديه توجيهات خاصة بذلك.
5- على الموظف تحاشي التفاعل مع ملاحظات المدير حول الزملاء أو الانجرار لطلب المدير الرأي بزميل آخر فلن يجد المدير المرجوج غضاضة في إحراج الموظف أمام زملائه بما قال.
6- المدير المرجوج يبحث دائماً عن الحلقة الأضعف بين المرؤوسين ويجعل منه مثاراً للسخرية وكبش فداء لكل فشل، فعلى الموظف أن لا يكون الحلقة الأضعف، لذا عليه أن يتجنب المناسبات التي يدعو لها المدير وإذا كان ولا بد فلا يحاول أن يتقرب للمدير أمام الزملاء بل يبقى على الطابع الرسمي للعلاقة.
الكتاب ظهر أول مرة في بداية التسعينات عندما كان البريد الإلكتروني وأنظمة الإدارة غير سائدة بعد في معظم المؤسسات، لذا لم يتطرق لها كوسيلة لتحقيق حصانة للموظف من سطوات المدير المرجوج، ولكن اليوم بات من الممكن أن يستفيد الموظف من البريد الإلكتروني في توثيق التعامل مع مديره وأصبح بإمكانه أن يستصدر تقرير الأعمال من أنظمة الإدارة، وبالتالي يحمي ذاته من تغولات المدير.
في ختام مقالي اليوم أرجو ممن ينطبق عليه وصف المدير المرجوج وهم كثر، أن يقف لحظة مع نفسه ويسأل، هل يشعر مرؤوسيه بالقلق حوله؟ إذا كان كذلك فعليه أن يبدأ في إصلاح ذلك، فليس هناك شعور أسوأ من شعور المرء أنه مصدر عناء وألم لمرؤوسيه أو زملائه في العمل، ومن لا يشعر بذلك فهو يعيش تحت سلطة الأنا والغرور وسيزول من برجه العاجي في أي يوم.