الإدارة تحوي نظريات عدّة، سواء في تصنيف مستوياتها أو اختيار قادتها أو آلية العمل بها. والقيادة على مستوى الوزراء لها مواصفات قيادية تختلف عن القيادة التنفيذية البحتة، وحتى على مستوى القيادات الوزارية هناك وزارات ذات طابع سياسي أو ما يتعارف عليه بالوزارات السيادية، وهناك وزارات خدمية أو معنية بالخدمات اليومية للناس، ولكل من قياداتها مواصفاتها الخاصة بها. بغضّ النظر عن نوع الوزارة، فجميعها تتطلب - وبدرجات متفاوتة - قدرات قيادية تتعلق بالمشاركة في صنع السياسات الوطنية، والقدرة على استيعاب ومراعاة التوجهات السياسية والخطط العامة للحكومة. لأجل ذلك، لا تأتي اختيارات الوزراء وفق الآليات أو المواصفات التي يطرحها كثير من الناس، لأنّ عموم الناس دائماً ما يركزون على الجانب التخصصي أو الخبرات في المجال، بينما القائد السياسي تكون لديه رؤية ومواصفات أخرى لها اعتبارات عليا.
مؤخراً تم إجراء تغيير على أكثر من حقيبة وزارية محلية، وجلها في مجالات خدمية - وفق التصنيف المتعارف عليه في هذا الشأن - وهي فرصة أن نشكر القيادة على التغيير الهادف للتطوير والتحديث في العمل الإداري بما يحقق تطلعات القيادة والمواطنين. كما أنها فرصة لأن نبارك للوزراء الجدد ونقدر ما قام به المغادرون لمواقعهم من جهود وأعمال إيجابية. جميع من يستلم مثل هذه المناصب القيادية يبذل الجهد ونحسن النية بأنه أعطى لوطنه بإخلاص وجد، محاولاً مراعاة الظروف التي تحيط عمله وتجاوز العقبات التي تحبطه. البعض تواتيه الظروف فيوفق للنجاح والبعض يجتهد لكنه لا يصل مرحلة الرضا التام.
إذاً، طبيعة الاختيار للوزير أحد حقوق القيادة العليا، وهذا عُرف عالمي؛ رئيس الحكومة يخول في كثير من الدول باختيار القادة الوزراء الذين يراهم ينفذون سياسته وسياسة حزبه - في الدول ذات الأحزاب. لكن بوصف نظرية الاختيار من ناحية إدارية وليس سياسية، يمكن القول إن نظرية التوزير - واللفظ هنا مشتق من اختيار الوزير - السعودية، تتميز ببعض السمات الظاهرة التي منها ما يلي:-
1 - السمة الأولى: القائد الإداري في مجال ما يصلح أن يكون قائداً في مجال آخر. أو كما يقال الإدارة أصلها واحد والقائد الجيد في حقل ما يصلح قائداً في حقل آخر. على سبيل القائد الجيد في التعليم يصلح أو سينجح حينما يكون قائداً في مجال الصحة، والقائد الجيد في العمل المالي سيكون قائداً جيداً في الشؤون الاجتماعية، والقائد الجيد في الإدارة العامة سيكون جيداً كذلك في تقنية المعلومات، إلخ. هذه إحدى نظريات الإدارة وفي نظريات الإدارة لا يوجد وجهة نظر دائماً صحيحة أو دائماً خاطئة. ولدينا تجارب وزارية سابقة أثبتت نجاح النظرية.
2 - السمة الثانية: القائد الذي يأتي من خارج القطاع ربما يكون أفضل في دفع حركة التطوير للأمام. على اعتبار أنه سيأتي بفكر جديد ودون حساسيات أو تشابك مصالح مسبق في نفس القطاع. لذلك رأينا وزير الصحة يأتي من قطاع التعليم العالي ووزير الإعلام يأتي من قطاع الإدارة المحلية ووزير التعليم العالي يأتي من قطاع التربية ...إلخ. أحدهم علق في هذا الشأن بأن كل وزير سعودي سيكون مؤهلاً لإدارة وزارة أخرى بجانب وزارته والمقصود الوزارة ذات العلاقة بتخصصه وخبرته السابقة للوزارة.
نثق بقدرات السادة الوزراء ونتمنى لهم التوفيق في مواقعهم الجديدة.