لن نجامل أحداً. لن نقول: إن المرحلة السابقة لوزارة الشؤون الاجتماعية شهدت بعض الإيجابيات. لقد ظللنا ننتظر أن يتم تشخيص الحالة الاجتماعية كما يجب، لكن انتظارنا طال دون جدوى. كل الحراك الإداري، فيما يتعلق ببطاقات الصرف أو ببرامج الأسر المنتجة، لم يكن ذاهباً باتجاه وضع الحالة الاجتماعية على طاولة التشريح، واستخراج شرايينها وأوردتها، شرياناً شرياناً ووريداً وريداً، بل باتجاه البحث عن منجزات! وبغياب هذا التشريح، سنجد أنفسنا نحوم حول الحمى، وهذا ما حصل في الفترة السابقة.
إن المهازل التي كانت تحدث في دور الإيواء، هي ما يجب أن نقف أمامه بحزم شديد واستثنائي. ليس لنوقف حالة هنا أو حالة هناك، من خلال ترحيل عامل أو الخصم على موظف، كما كان يحدث دوماً، بل عبر إيجاد آلية جديدة جداً، ومتناغمة مع التجارب الدولية، لإدارة هذه المراكز الإيوائية. وسنقولها للوزير الجديد، الأستاذ سليمان الحميّد، بكل وضوح:
-لا ترممْ، بل اهدمْ ثم ابنِ من جديد.
هذه هي الممارسة التي ننتظرها منك، فالترميم سيجعلنا أمام شكل جديد، لجسد قديم. وأنا هنا لا أتحدث عن المراكز الإيوائية فقط، بل عن معظم الآليات المطروحة في الوزارة، والتي لا ينفع معها سوى البناء الجديد، لكي تكون برامج لائقة بالتعبير عمّن لا يملكون أية قدرة على التعبير، وربما على الكلام.
عليك يا أستاذ سليمان ألاّ تغادر طاولة التشريح، فهؤلاء اليتامى والأرامل والعجزة والفقراء، ينتظرون نتائجك كلَّ يوم. وغداً، انتظرني.