استطاع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، أن يدخل بثقله المعنوي والسياسي بمبادرته، لإنهاء الخلاف بين الشقيقتين مصر وقطر، برغم تعقُّد الخلافات ودخولها في دهاليز التوترات السياسية والاقتصادية، بصورة مظلمة لا تدع مجالاً للشك بصعوبة إنهائها بهذا الزمن اليسير.
ويأتي إنهاء الخلاف تقديراً لزعيم العرب والمسلمين الملك عبد الله الذي استطاع بحنكته أن ينهي الخلاف البيني الخليجي، وليسعَى بعده بإنهاء الخلافات العربية، وهو بلا شك جهد سريع وحاسم، بعد أن كان الخلاف الخليجي يؤرق شعوب المنطقة، ويمنح الفرصة للمتربصين بها لإذكاء نار الحقد وإشغال الحكومات عن التفكير بنهضة أوطانها والسعي لاتحادها.
ولقد كان الخلاف القطري المصري مزعجاً ومقلقاً، بل وينبئ باتساع الهوة بعدما صاحبه تراشق بالاتهامات ومناوشات إعلامية لدرجة توغلت الكراهية في الصدور، وحلت محل الوئام الذي كان يسود بين البلدين مثل البلدان العربية الأخرى.
وإن كانت مصر قد تعرّضت لهزات سياسية أدت لتقويض اقتصادها وصار يشكل خطراً على أمنها؛ فإنها بدأت تستعيد نشاطها وتسترجع مكانتها العظيمة، فهي ملاذ العرب وأمهم الكبرى، تشاركها المملكة العربية السعودية التي تستمد أهميتها من الحرمين الشريفين مهوى الأفئدة، وتستقي مكانتها من السياسة الرشيدة التي تنتهجها بلادنا بقيادة حكيمة، مما يجعل المواطن في موضع فخر واعتزاز لانتمائه إلى هذا البلد العظيم، الذي ما فتئ يتحمل مسؤولية رأب الصدع وترميم البناء العربي، حينما يتعرض لهزات أو تواجهه تحديات.
ولم يكن هذا هو الموقف الدبلوماسي الوحيد الذي مارسته حكومتنا بكفاءة، بل كانت لها أياد بيضاء، كما في اتفاق الطائف الشهير الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، واتفاقات عربية أخرى لعبت المملكة دوراً ريادياً فيها، مما يجعل الأنظار تتجه دوماً لها لتضطلع بالمسؤوليات السياسية والاقتصادية التي تعصف بالبلدان وتخمد نيران الفتن، وهي مواقف يشهد لها الجميع ويكبرونها.
وطالما امتد خير بلدنا ليشمل البعيد بعد القريب؛ فإنه حري بها التمكين وجدير بها الاستقرار، وحقيق على الله أن ينصرها على من يكيد لها سواء مطامع الإرهابيين أو طموحات المتطرفين الذين يجدون في الخلافات بين البلدان العربية مسرحاً للعب أدوارهم المريبة، وتنفيذ أجنداتهم المشبوهة. وقد قطعت الحكومة الحكيمة جميع الخطوط الموصلة لتنفيذ المخطط وباؤوا خائبين!!