تأكيداً وترسيخاً لنهج المملكة في تقوية وتعزيز المؤسسات الدستورية للدولة وتفعيل آلياتها، استمع أعضاء مجلس الشورى للخطاب السنوي للمليك الذي يبدأ به المجلس أعمال السنة الثالثة في الدورة السادسة.
والخطاب الذي يُعدُّ وثيقة دستورية، يرسم آفاق العمل والخطوات التي يعمل أعضاء مجلس الشورى على تفعيلها، ولهذا فإن الخطاب تابعه المواطنون بلهفة الطموح في تحقيق المزيد من الإنجازات التنموية التي ترفد مسيرة التقدم في الوطن، وراقبه بعناية المراقبون الدوليون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية وحتى الاجتماعية، من خلال درس فقراته وما تضمنه من بنود لتقييم عمل الدولة السعودية وأجهزتها.
والخطاب الملكي الذي ألقاه سمو ولي العهد نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -شفاه الله- تضمن إشارة إيجابية مطمئنة للسعوديين والمسلمين والعرب جميعاً، فالإضافة إلى البشرى التي أبلغها سمو ولي العهد لأعضاء مجلس الشورى عن تحسن صحة خادم الحرمين الشريفين وأنه بحالة طيبة، فإن مجرد عقد جلسة مجلس الشورى وبدء أعماله دلالة على أن وضع المليك طيب، وأن حالته الصحية جيدة، والحمد لله.
نعود لخطاب المليك والذي يبرمج سياسة الدولة ويحدد آليات عملها للعام القادم ويقيِّم ما تم إنجازه في العام الماضي، ولهذا فإن السعوديين يتطلعون إليه بشغف وبالذات المختصين، سواء في الشؤون التنموية أو الاقتصادية أو السياسية أو الأمنية، ولهذا فإن هذا الخطاب يسمى ويطلق عليه صفة «خطاب العرش» كونه يتضمن توجيهات خادم الحرمين الشريفين، ولذلك فالخطاب يُعد - وهو كذلك - وثيقة ترسم عمل المجلس وإسهاماته في اقتراح الأنظمة ومتابعة ومراقبة عمل الحكومة. وقد أوضحت القراءة الأولية للخطاب بأنه:
1. تركز على تشجيع المشاركة المجتمعية، وبالأخص المرأة، للوصول إلى مصاف الدول الأكثر تقدماً، مع الحفاظ على قيمنا.
2. مواصلة العمل الفكري والأمني للتصدي للإرهاب، ولن يهدأ لأجهزة الدولة والمواطنين بال حتى تحصن المملكة من هذا الخطر.
3. تطوير القضاء وصون استقلاله لبلوغ المستوى الذي تقتضيه الشريعة السمحة ويتطلع إليه المواطنون.
4. تنمية القوى العاملة الوطنية ورصد نتائجها ومستوى تجاوب القطاع الخاص وتوسيع الخيارات لتوفير فرص العمل.
وهكذا، فإن النهج الذي تسير عليه المملكة وهو ما أكدت عليه فقرات الخطاب الذي بالإضافة إلى شموليته لا تخفى على عين المراقب مدى الاهتمام والتركيز على ترسيخ وتقوية أواصر الوحدة الوطنية ومواجهة العناصر الإرهابية نتيجة اعتناقها أفكاراً معادية للدين والوطن، ولذلك كان الخطاب حازماً وحاسماً بعدم السماح بتهديد الوحدة الوطنية، مع مواصلة الإصلاح والاهتمام براحة المواطن وتحقيق كل ما يهدف إليه من تطور، والذي تضمنته فقرات الخطاب، والذي عكس مدى التلاحم بين القيادة والمواطنين الذين ما انفكوا يلهجون بالدعاء بأن يمن الله بالصحة والعافية على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ويعجل بشفائه، والذي لم يتوان عن فعل أي شيء لتحقيق طموحات المواطن، وكما بشرنا سمو ولي العهد في أحاديثه مع أعضاء مجلس الشورى. فلله الحمد والمنة، أن شمل الله مليكنا برعايته وأسبغ عليه الصحة والعافية.