رُحْمَاكَ مَابِي فَقَدْ طَالَتْ لَيَالِيهِ
يَقْظَانُ وَالّليْلُ جَلَّ فِي مُصَابِيهِ
قَالُوا أَلَمَّتْ بِشَيْخِ العُرْبِ عَارِضَةٌ
فَقُلْتُ يَالَيْتَهَا فِيمَنْ يُعَادِيهِ
إِنْ كَانَ بَأْسٌ أَصَابَتْ سَيّدِي يَدُهُ
فَهْوَ الطّهُور وَرَبُّ النّاسِ يُشْفِيهِ
وَلَسْتُ أَعْجَبُ إِنْ ضَاقَتْ بِهِ رِئَةٌ
وَقَدْ تَنَفَّسَ مِنْهَا كُلُّ مَنْ فِيهِ
وَاحَرَّ قَلْبِي مِنَ الدّنْيَا وَمَا هَدَأتْ
مَرّ الجَدِيدَيْنِ نَفْسٌ مِنْ مُحِبّيهِ
تَمْشِي لَهُ العُمْرَ وَهْيَ فِي لَوَاعِجِهَا
وَاسْتَوْحَشَ الرَّبْعُ دَوْمَاً مِنْ نَوَاحِيهِ
وَقَدْ بَرَانَا عَلَيْهِ الشَّوْقُ مِنْ شَغَفٍ
وَشَفَّنَا الوَجْدُ مِنْ دَمْعٍ نُقَاسِيهِ
فَإِنْ تَعِبْنَا أَنَخْنَا فِي جَوَانِحِهِ
وَإِنْ ظَمِئْنَا شَرِبْنَا مِنْ مَآقِيهِ
بِيضٌ يَدَاهُ كَأَنَّ الجُودَ أَلْبَسَهُ
ثَوْبَ اليَمِينِ فَوَشَّى مِنْ حَوَاشِيهِ
يَسْعَى لَهُ النَّاسُ غَرْثَى يَوْمَ مَسْغَبَةٍ
وَصَارَ عَوْفَاً وَلا حُرٌّ بِوَادِيهِ
للهِ كَمْ طَافَتِ الدّنْيَا بِهِ مَلِكَاٍ
وَفِي عُرُوشِ السُّهَى قَامَتْ تُنَادِيهِ
لِهَيْبَةِ المُلْكِ بَعْضٌ مِنْ مَلامِحِهِ
وَلِلرّجُولَةِ بَعْضٌ مِنْ مَعَانِيهِ
فَاحْمَرّ سَاحُ الوَغَى مِنْ سَيْفِهِ صَلِتَاً
وَاخْضَرَّتِ الأرْضُ مِنْ جَدْوَى أيَادِيهِ
وَأَوْرَقَ العَدْلُ سُورَاً فِي حَوَاضِرِهِ
وَوَطَّدَ الحَزْمُ أَمْنَاً فِي بَوَادِيهِ
الصَّادِقُ القَرْمُ فِي قَوْلٍ وَفِي فِعِلٍ
وَالصّابِرُ المُصْطَفَى مَمَّا يُلاقِيهِ
رُوحِيَ الفِدَاء لَهُ مِنْ كُلّ نَازِلَةٍ
وَلَسْتُ أَمْلِكُ إِلّاهَا فَأَفْدِيهِ