تحذير خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للغرب عموماً وللعالم أجمع من خطر تمدد الارهاب ووصوله إلى بلدانهم في مدة وجيزة، ليس قراءة في الغيب، بل قراءة واعية للممارسات الارهابية والفكر الذي يتبنى نهجاً يعتمد على القتل والاقصاء، وكان - حفظه الله - واضحاً وهو يحذر سفراء الدول الأوروبية بالذات من خطر عبور الارهاب من المنطقة العربية إلى أوروبا، ولم يكن مجاملاً أو مخفياً الحقيقة، بل كان يتحدث بشفافية أكدت الأحداث صدقها للقراءة العملية والتحليل لما شهدته المنطقة من أحداث والتي تتطلب من الجميع -دولاً وحكومات وجماعات فكرية وكتاباً واعلاميين وسياسيين- ان يتكتلوا كتلة واحدة لمواجهة الارهاب، والابتعاد عن توظيف الجماعات الارهابية لخدمة أهدافها ومخططاتها.
بكل وضوح وصراحة يجب الإقرار بأن الارهاب هو من صنع أنظمة وحكومات، وللأسف لم يقتصر توظيف الارهابيين على الأنظمة والحكومات الشمولية بل حتى الأنظمة التي تدعي الديمقراطية متهمة بتوظيف الارهاب لخدمة أهدافها.
إحدى النظريات تتحدث عن تشجيع الحكومات الغربية بدءاً من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية، منظمات وجماعات إرهابية لتصفية خلافاتها وبالسلاح على الأراضي العربية والآسيوية والإفريقية بهدف إشغالها ببعضها البعض.
ويذهب واضعو هذه النظريات إلى القول بأن هذه الحكومات من أجل إشغال المنظمات الإرهابية وجعل اشتباكها مستمراً، عملت على إبقاء مستنقعات الحروب الأهلية وتشابك الجماعات الإرهابية مستمراً سواء في سوريا أو العراق أو اليمن أو مالي وحتى في أفغانستان، والهدف هو أن تشغل الجماعات والمليشيات الإرهابية في مواجهة بعضها البعض، والبعد عن الساحة الأوروبية والدول الغربية.
هذه النظرية إلى حدٍ ما لها جانب من الصحة، حيث تابعنا انشغال الإرهابيين من المتطرفين السنة والشيعة على حد سواء في قتل بعضهم البعض، والابتعاد عن أوروبا وأمريكا والدول الأخرى.
ولكن وبعد تجمد الوضع في مستنقعات الإرهاب في سوريا والعراق واليمن وأفغانستان، عاد الإرهابيون إلى المواقع التي انطلقوا منها لتنال الدول الأوروبية نصيبها من جرائم الإرهاب، وفرنسا كانت البداية وهناك تخوف من أن تكتوي دول أوروبية أخرى بجرائم الإرهاب أسوة بما شهدته فرنسا.