استمتع أهالي الشمال خصوصاً بحالة مناخية يندر حدوثها بهذه الدرجة من انخفاض درجة الحرارة مع تساقط الثلوج الكثيفة اللطيفة، وإن كانت تحدث سنوياً فهي ليست بهذه الكثافة ليتميز الموسم الحالي بجاذبية استثمرها سكان المنطقة وجيرانهم ومن سافر إلى هناك لاقتناص ساعات المتعة والمرح والإبداع من أوجه عدة، فقد كشفت الحالة الثلجية والأجواء المصاحبة من الأمطار والبرودة لا سيما في البراري عن جملة من المواهب المدفونة أو التي لم تُفصح عن نفسها، ولربما أن منها من لم يكتشف نفسه وموهبته إلاّ بالمصادفة حين تَفَتّق ذهنه عن أعمال فنية أو كوميدية ساخرة تناسب الظروف المناخية والاجتماعية المعاشة، وأبدع كثير من الشباب بصناعة مُجَسّمات من البيئة تحاكي الواقع وتُفسّر حالة البهجة والحبور التي تعيشها المنطقة قاطبة، وإن كانت كثيراً من المناطق تعيش الأجواء الشتوية الباردة إلاّ أنها لم تشهد تساقط الثلوج بالكمية الكافية كما هي بالشمال، وبرزت إمكانات هواة التصوير بأساليب إبداعية، ولعلها مناسبة لدعوة هيئة السياحة والآثار لاستثمار المواسم المماثلة أولاً بتشجيع المستثمرين لتطوير مواقع سياحية مناسبة هناك، ثم الأخذ بيد الشباب المبدع بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة كجمعية الفنون فيما يتعلق بالإبداع الكوميدي والفنون التشكيلية لتطوير المواهب، وأجزم أنهم سيخرجون بنتائج جيدة، وهنا لا بد من الإشارة ولو بعجالة إلى جهود الجمعيات الخيرية والمحسنين للتكافل تجاه الأسر المحتاجة للعون واتقاء الصقيع والمطر وهذه سنة حميدة دأبوا عليها كغيرهم من المناطق، والثناء يمتد لجمعيات انطلقت بجهودها من القصيم إلى الأهل في أقاصي الشمال ليس من قلة ولكنه التكافل، كما يشار إلى مبادرات بعض الجهات الحكومية لاحتواء الحالة لكيلا تتحول إلى أزمة كتوفير المديرية العامة للشؤون الصحية بتبوك ست فرق إسعافية لتعمل كمستشفى ميداني لخدمة المتنزهين في أماكن تساقط الثلوج وأهالي القرى والبادية ولمواجهة موجة الصقيع، ومع الجَمال والإبداع لا بد من الاعتراف بأن هناك دروساً مستفادة من الحالة الموسمية وكمثال حين تفاجأ طلاب مدارس طريف بالثلوج الكثيفة داخل مدارسهم، وتأجيل مدارس في أنحاء من المنطقة الاختبارات للأيام اللاحقة، وتأخير بداية الدراسة أو الاختبار حوالي ساعتين في بعض الأنحاء هناك، وهذه من الملاحظات التي يجب أخذها في الحسبان مستقبلاً، والحالة -في نظري- تستدعيظافر الجهود من كافة القطاعات المعنية فحين يحذر فلكي معروف أهالي المنطقة من ما اسماه (القاتل الأسود) فهذا يعني أن عدة جهات يلزمها الانتباه له حالياً ومستقبلاً، وقال إن الثلج الأسود هو طبقة ثلج شفاف لا لون له، وذو سماكة رقيقة، ويتكون فوق الطرق المسفلتة والممرات عندما تكون رطبة، ولا يراه الراجل أو السائق؛ فيتسبب في حرف وزحزحة السيارات وصعوبة التحكم بها، وربما في قلبها خاصة بعد الفجر، وحصلت حوادث قاتلة منها لمعلمات بسبب توقف شاحنة بالطريق لانعدام الرؤية وهذه مسألة هامة، تماثلها حالات إغلاق طرق بالثلوج، وانطماس اللوحات الإرشادية، ونفاذ الوقود من محطات البيع قرب مناطق التنزه، جهات الاختصاص أنذرت من الحالة بوقت يبدو أنه مبكراً غير أن المطلوب اعتماد ثقافة (إدارة الأزمات) كضرورة وقاعدة للسلامة العامة.