من الصور الإعلامية لافتتاح مهرجان سوق عكاظ، وفي الصف الأمامي لاحظنا تواجد سمو الأمير سلطان بن سلمان رئيس هيئة السياحة والآثار ومعالي الدكتور عبد العزيز الخضيري وزير الثقافة والإعلام، وبعيداً عن الجهة المنظمة - أمارة مكة المكرمة - لو حاولنا تصنيف المهرجان لاحترنا هل نعتبره مهرجاناً ثقافياً أم سياحياً؟ هنا تذكرت فكرة سبق أن طرحتها وتتعلق بالسياحة والثقافة، ورأيت إعادة طرحها هنا باعتبار وجود وزير جديد للثقافة، أحد اهتماماته الرئيسة وفق تخصصه وخبراته العملية هي التطوير الإداري والإستراتيجي.
لدينا هيئة معنية بأمور السياحة والتراث توعدنا في كل عام بمزيد من التطور، ووجودها أصبح ثابتاً ضمن الحراك التنموي والإداري المحلي ونعول عليها الكثير في تطوير السياحة والحفاظ على الآثار. الأرقام في سنوات سابقة أوضحت تراجع في حجم السياحة المحلية وفق أرقام هيئة السياحة والاتحاد الدولي للسياحة، حيث تراجع حجم السياح المحليين، الذين يقضون على الأقل ليلة سياحية من 32.01 مليون عام 2009 م إلى 22.47 مليون عام 2011م وحجم الليالي السياحية من 198.48 مليون ليلة إلى 109.76 مليون ليلة خلال نفس الفترة. وأصبحت السعودية تحتل مرتبة متأخرة في الإنفاق السياحي بعد دبي والقاهرة - قبل مشاكل القاهرة السياسية -. رغم زيادة عدد السكان ورغم أن لدينا الأماكن المقدسة التي تستقطب حجماً كبيراً من الزوار الذين تصنّفهم هيئة السياحة ضمن إحصاءات السياح. تستحوذ دبي على نسبة 21.1%من السياح بالمنطقة، ومصر على 19% بينما السعودية تستحوذ على 18% فقط.
في الجانب الآخر هناك وزارة الثقافة والإعلام، سلخت عن هيكلها التنفيذي المباشر الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء فلم يبق سوى الثقافة، وبكل أسف فالثقافة أصبحت لديها - أي الوزارة - مجرد معرض الكتاب السنوي والأندية الأدبية التي لم تستطع خلال عدة سنوات من الوصول إلى لائحة واضحة لإدارتها، ولم تحدد موقفها الواضح من هذه الأندية هل هي مؤسسات مجتمع مدني مستقلة أم فروع للوزارة؟ أي أن لدينا وزارة تم تفريغها من مكوناتها ومهمتها الثقافية أصبحت محصورة في معرض ومؤتمر سنوي، وحتى مكتباتها العامة فشلت في تشغيلها كما يجب!
المتاحف تعتبر جزءاً من الثقافة، لكننا في المملكة ألحقناها بهيئة السياحة. والسياحة لدينا وباستثناء الجانب الديني منها، مقومها الرئيس الأنشطة الثقافية بمفهومها الشامل للأنشطة الفنية والتراثية والمنبرية والفلكلورية والتشكيلية. من هنا أعتقد أنه آن الأوان لدمج الثقافة والسياحة في وزارة أو هيئة واحدة ؛ هيئة أو وزارة الثقافة والسياحة. أما بالنسبة للإعلام وبالرغم من تحول أغلب مهامه إلى الهيئات الجديدة المستحدثة، فيمكن أن نبقي وزارة الإعلام، كوزارة رشيقة تنسيقية تنظيمية بالدرجة الأولى وكجهة تمثل المتحدث الرسمي للحكومة.
عندما أقترح هذا الدمج، فذلك لأنني أبحث عن حل يسهم في تطوير السياحة والثقافة باعتبار الثقافة مكوناً وعنصراً من عناصر الجذب السياحي. الثقافة لدينا تترنح والسياحة لا تسر وأخشى أن محاولات إنعاشهما بالطريقة التقليدية لم يعد مجدياً وقد يكون الحل بدمجهما في جهاز جديد، يطور إستراتيجية جديدة تسمح بتكامل الأنشطة الثقافية - أتحدث عن الأنشطة الثقافية بمفهومها الشامل من ثقافة وفنون وتراث وآثار ومهرجانات ومؤتمرات - مع الأنشطة السياحية من إيواء ومعارض ومؤتمرات وغيرها.
هذه الفكرة ليست جديدة ومطبقة في بعض الدول، ومنها دول مجاورة متقدمة سياحياً وثقافياً. أعتقد أن تطبيق الفكرة سيكون إيجابياً إدارياً وعلى مستوى المخرجات، أو في أحسن الأحوال، لن نخسر، أو لن تتدنى مخرجات الثقافة والسياحة أكثر مما هي متدنية الآن.