لا أدري حقيقة ماهي همزة الوصل التي تشكل عقبة ثقيلة حادة مابين قيادة المرأة السعودية للسيارة وسفرها إلى الخارج، أعتقد أنها وجود المحرم..
لن أناقش هنا موضوع قيادة المرأة فلعله يبدو مطلباً طموحاً جداً وله الكثير من الراغبين والمعارضين، لكنني سأتحدث عن امرأة اليوم التي كانت طفلة في حضن والديها، لم تكن تشعر كثيراً بمشكلاتها حتى كبرت قليلاً، وغاب الأب وقد كتب الله لها أن تعيش وحيدة إما لوفاة الزوج أو بسبب الطلاق أو أنها لم تدخل في الأصل مؤسسة الزواج لسبب أو آخر!
حين نتحدث عن قضية المرأة والمحرم أو الوكيل الشرعي فنحن لانتحدث عن أوقات الرخاء والمتعة والفرح وحسب وإنما نتحدث عن الأوقات الصعبة والحالات الاستثنائية، وهي الأولى بالاهتمام، ثمة حالات أخرى تبدو المرأة في أمس الحاجة إلى تولي أمرها بيدها وإلى أن تكون سيدة قرارها.. أهم هذه الحالات، أن يكون ولي الأمر في الحالات العادية الذي هو الأب غالباً مريضاً أو كبيراً في السن أو عاجزاً أو قد يكون «ظالماً».. قد يكون على سبيل المثال متزوجاً بأكثر من امرأة وقد تخلى عن مسؤولياته تجاه بناته وأبنائه، عندها يستطيع الأبناء الذكور حال بلوغهم السن القانوني 21 عاماً تولي شؤونهم بأنفسهم فهم يستطيعون استخراج بطاقاتهم الرسمية وقضاء مصالحهم بكل سهولة بما في ذلك السفر إلى الخارج في حالة الضرورة أما الإناث فهيهات لتبقى محلك سر، لاتحرك ساكناً ولا تنال شيئاً من حقوقها إلا بشق الأنفس.. فهي مطالبة بأن تكون بقيادة وكيلها الشرعي وتحت أمره.. أحوالها وحياتها بأكملها، فإن كان عادلاً دمئاً طيباً فلن تعاني كثيراً لكن إن كانت حالته هي العكس، أي فيما لو أصبح شخصاً جائراً متسلطاً فعليها أن تصبر إلى مالانهاية وعليها أن تحتسب وتدعو له كما ينصح كثير من المشايخ الذين لم يضعوا أنفسهم في وضع هذه المرأة والحقيقة هي كما يقول المثل (النار ماتحرق إلا رجل واطيها!)..
ثمة حالات كثيرة تعاني فيها النساء لدينا هنا الكثير بسبب تعنت ولي الأمر وسوء استخدامه لسلطته باعتباره وكيلاً شرعياً للمرأة، إحدى هذه الحالات الواقعية التي لمستها عن كثب هي حالة بضع أخوات انفصل والدهن عن والدتهن وأعرض عن العائلة بأكملها ومنذ ذلك الحين وهن في معاناة لاتنتهي رغم تجاوز بعضهن سن الثلاثين إلا أنهن لايملكن جوازات سفر منذ سنوات ولا يستطعن السفر حتى إلى أقرب دولة خليجية، وسوف أكون أكثر وضوحاً إحداهن لديها ظرف صحي ويمكنها أن تجد علاجاً في إحدى الدول المجاورة حيث يمكنها تحمل تكاليف العلاج هناك لكنها لاتستطيع، السبب هو أن والدهن لارغبة له في ذلك، هكذا بلا سبب فهو ولي أمرهن، وهنّ لسنا إلا «حريماً» عليهن السمع والطاعة وكأنما يعشن في سجن كبير لاعلم لهن متى يتم إطلاق سراحهن.