في أجواء الحزن بعد فقدان حكيم العرب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله، تعامل السعوديون قادة وأسرة ومواطنين بهدوء وسلاسة بانتقال الحكم إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله مؤزراً بعضده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء.
هذه السلاسة والهدوء الذي رافق انتقال الحكم في المملكة أثار دهشة وعجب الآخرين رغم معرفتهم أن المملكة وفي كل مراحل حكمها منذ الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن وبعده تم تنصيب ستة ملوك كانت تتم عمليات انتقال السلطة بهدوء وسلاسة وفق إجراءات متفق عليها بين أبناء الأسرة والعلماء والمواطنين.
وهكذا تم في مبايعة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، الشيء المضاف هذه المرة مبايعة سمو ولي ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية الذي أكمل منظومة آليات البيعة التي أصبحت إحدى السمات الشرعية والدستورية التي تميز المملكة العربية السعودية كدولة تتمسك بالشريعة الإسلامية، ولهذا فقد جرت العملية بهدوء وسلاسة جنبت البلاد أي خلافات أو اجتهادات قد لا تتناسب مع طبيعة المرحلة.
وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- هو فعلاً خير خلف لخير سلف، فالمليك أمد الله بعمره ابن مؤسسات الدولة وتربى في جامعة الملك المؤسس، وكان نابهاً ومتمرساً منذ ولوجه العمل في مؤسسات الدولة متسلحاً بخلق قويم وتربية إسلامية عميقة، وهو الذي ختم القرآن الكريم وهو ابن العاشرة، وقبل أن يتجاوز السابعة عشر اضطلع بأول مهامه الرسمية حيث عين أميراً لمنطقة الرياض، وبعد تكليفه في مهام أخرى عاد لإمارة منطقة الرياض والذي يعد مؤسس نهضتها الحديثة والتي جعل منها أكبر وأجمل العواصم العربية بعد أن قضى فيها خمسين عاماً وصلت في عهده إلى أكبر من مساحات بعض الدول، وبعد أن كانت الرياض شارعا واحدا «شارع الوزير» أصبحت شوارعها لا تعد ولا تحصى وتضم عشرات الجامعات وحدائقها بالمئات وفي كل حي أكثر من عشرة مساجد إضافة إلى عشرات الآلاف من المنازل والعمارات.
والملك سلمان بن عبدالعزيز صاحب خبرة تراكمية سياسية تزيد على أكثر من نصف قرن إذ كان شريكاً فعالاً في القيادة السياسية للبلاد وكلف بإدارة العديد من الملفات السياسية وإن كان ملف الخليج العربي أكثر الملفات اهتماماً، لذلك فهو يعد خبيراً وعالماً بشؤون الخليج العربي دولاً وقبائل وعوائل ويعرف كل ما يجري في دول الخليج ويحتفظ بصداقات وعلاقات مع قادتها وشيوخها ورؤساء العشائر والمواطنين.