عربة الوطن في حالة جيدة، والقائد الجديد متفق بالإجماع على حنكته وحزمه واستيعابه التاريخي للتعامل مع الماضي والمستقبل ومتطلبات الأجيال القادمة بشروط المستقبل، وبالطبع مع استبقاء الماضي في القلب والعقل والضمير.
حفلت حقبة القيادة التي رحلت لتوها إلى رحاب الله بتحولات إيجابية كثيرة وكبيرة. التعليم العالي تضاعف عدة مرات وحرية المشاركة بالرأي المنضبط والمسؤول فتحت لها أبوابا وشبابيك كانت مغلقة، وأعيدت هيكلة القضاء بهدف جعله أسرع وأقوى تحصيناً ضد تدخل الوجاهات والوساطات، ونجح التعامل الأمني مع الإرهاب أكثر من أي مكان في العالم، وخطت محاولات التصحيح للأوضاع الحقوقية للمرأة بأسرع مما يسمح به الظرف الاجتماعي المتوجس، وكان من الأولويات الإنفاق بسخاء لا محدود على توسعة الحرمين الشريفين لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الحجاج والزائرين في المستقبل المنظور، وتوسعت إمكانات ووسائل التواصل العلمي والتقني والحضاري مع العالم المتقدم وبلغت أعداد المبتعثين للدراسات العليا أرقاما ً فلكية.
لذلك أقول إن قائد المسيرة الجديد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وفقه الله وسدد خطاه يستلم عربة الوطن وهي في حالة جيدة وعلى الطريق الصحيح.
بالأمس القريب صدرت التشكيلة الجديدة لمراكز المسؤولية، استبقيت فيها كفاءات قديمة واستبدلت أخرى، والجميع فيهم الخير والبركة، والقيادة لا شك أدرى بما تتطلبه المرحلة وبما كان وبالمطلوب أن يكون، ولكل مرحلة رجالها وخططها التنموية.
هنا تحضر أهمية الإدراك الجمعي عند كل مكونات هذا الوطن الغالي في أن كل قيادة جديدة تعتبر نفسها حلقة إضافية في السلسلة المتماسكة التي أسس لها الملك الأب عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه، والمطلوب من هذه الحلقة مثل سابقاتها ولاحقاتها أن تترك بصمتها التطويرية والإصلاحية على الوطن والتاريخ. التشكيلة الجديدة تتكون في أغلبها من التكنوقراط الشباب، تم اختيارهم من الكفاءات التي تمتلك عمقاً علمياً ومنهجياً وثقافة استشرافية للمستقبل، وهذا هو النهج السائد منذ البدايات الأولى للتأسيس حتى اليوم في اختيار من تراه القيادة صالحاً لمراكز المسؤولية.
هكذا تسير الأمور في هذا الوطن المحروس بعناية الله، لكن لابد أن تحدث للمياه الصافية محاولات تعكير تستوجب الوقفة تجاهها. مما يدعو للأسف والاستغراب أنه لم تمض سوى أيام قليلة على مغادرة قيادة وبداية قيادة جديدة حتى بدأت الثرثرات المقيتة تحاول الإيحاء بتصحيح حسابات وتسديد فواتير مع شخصيات وفئات ومواقف، يريد المثرثرون توهماً وافتراءً تجييرها بالسالب على حساب رجالات وقرارات ومواقف بعينها من الحقبة السابقة.
لا أدري ولذلك أسأل، هل يجهل أم يتجاهل هؤلاء المفترون أن ما يتم عمله وإنجازه في عهد أية حكومة أو حقبة أو مرحلة تاريخية، إنما يحسب لها وعليها إيجاباً أو سلباً، وأنه في نفس الوقت يحسب على الدولة بكل مكوناتها القيادية والتنفيذية.
نستنتج بناءً على ذلك أن من يطعن اليوم في شخصيات نفذت أوامر وتوجيهات قيادتها بدقة وإخلاص، أو يطعن في مواقف وقرارات اتخذت في حينها بناءً على ما تقتضيه رؤية المصالح العامة، لا يطعن في حقيقة الأمر في الشخص أو الموقف أو القرار، وإنما في القائد المسؤول عن تلك الحقبة وفي الدولة التي كان على رأسها، لأن المسؤولية هنا كل لا يتجزأ، والدولة والحكومة كذلك.
المطلوب القول بصوت مسموع لهؤلاء الذين يحاولون تعكير المياه أن عربة الوطن في حالة جيدة والقيادة انتقلت إلى يد أمينة حكيمة، والطريق واضح وهو نفس الطريق منذ بدايات التأسيس الأولى ويشير إلى الأمام، وأنه لا مجال لأوهام العودة إلى الخلف.