قضاة الملاعب ركن مهم في المنظومة الرياضية. الحكم هو قلب مباراة كرة القدم، وظيفته خلق بيئة عادلة، وتعزيز شعور اللاعبين بالأمان.. هو الشرعية الحقيقية في المستطيل الأخضر, صاحب السلطة القانونية.. والمنافسة الشريفة رهينة بصفارته!!
اختير الحكم السعودي فهد المرداسي حكماً رابعاً في نهائي القارة الآسيوية 2015م بأستراليا. صحيح هذا منجز رياضي وطني؛ يجب أن نفتخر به, لكن هنا أسأل:
هل نجاح المرداسي «مصادفة» أم «تخطيط علمي»؟؟!!
درس قاري يجب أن نتعلم منه في رياضتنا المحلية. أطلقت لجنة الحكام في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم في شهر يوليو 2011م مشروع تطوير الحكام، من خلال اختيار مجموعة من الحكام الصاعدين، ومراقبتهم على مدار عامين من قِبل محاضري النخبة للحكام في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.
شارك الحكم السعودي فهد المرداسي بجوار 22 حكماً من القارة الآسيوية في الدورة الأولى لمجموعة تطوير الحكام بالعاصمة الماليزية كوالالمبور نوفمبر 2011م.
طيلة السنوات الماضية والاتحاد الآسيوي يؤهل «المرداسي» بدورات مختصة ومحاضرات علمية، ومنحه الفرصة في المنافسات القارية على مستوى الأندية والمنتخبات بمختلف الفئات السنية.
هذا التخطيط «العلمي» ما هو نتائجه؟؟
صناعة حكم سعودي شاب قادر على أن يشارك في نهائيات كأس العالم 2018 م في روسيا.
لا يمكن تجاهل دور لجنة الحكام السعودية في مسيرة بناء الحكم فهد المرداسي. الاتحادات المحلية هي من ترشح حكامها للمشاركة في الدورات القارية. يجب أن تُشكر اللجنة على اكتشافها لهذه الموهبة، والمساهمة في صقلها بمنحها الفرصة في إدارة مباريات مهمة بالبطولات السعودية، ساهمت - بدون شك - في تعزيز الثقة، واكتساب الخبرة.
وعلى خطى الاتحاد القاري انطلقت دورة حكام المستقبل في السعودية مؤخراً بمشاركة 27 حكماً للساحة وحكماً مساعداً. خمس مراحل لبناء جيل جديد من الحكام السعوديين. دورات مكثفة فنية وقانونية، يشرف عليها رئيس لجنة الحكام عمر المهنا والمحاضران عبدالله القحطاني وعزيز الشريف.
يلعب الحكم الدولي السابق محمد سعد بخيت دوراً مؤثراً في اختيار حكام المستقبل من خلال إشرافه على الدوري الممتاز للناشئين والشباب تحت متابعة رئيس اللجنة لضمان تأهيل جيل جديد نواة للمستقبل.
التخطيط العلمي عنصر مهم لبناء شخصية قضاة الملاعب، وأنا مؤمن بنجاح لجنة الحكام السعودية في مشروع «حكام المستقبل»؛ لأن أجندة «الدورة» أُسست وفقاً لإطار علمي، يشرف عليه مختصون، لهم تجربة قارية ودولية، خاصة أنها اعتمدت على اختيار الحكام صغار السن الموهوبين من مختلف مناطق المملكة.
لا يبقى إلا أن أقول:
لا يمكن صناعة حكم لا يملك «الموهبة», والحكم «الذكي» لا يعتمد فقط على لجنة الحكام لتأهيله؛ يجب أن يهتم بنفسه أكثر خارج الملعب بالنوم المبكر, الغذاء المناسب, الحفاظ على لياقته البدنية, الثقة بالنفس, فَهم قانون اللعبة وليس حفظه.
دورة «حكام المستقبل» فكرة ناجحة، يجب أن يدعمها الجميع. صناعة الحكم تحتاج لسنوات، ولنا في تجربة فهد المرداسي خير شاهد.
* هنا يتوقف نبض قلمي، وألقاك بصحيفتنا «الجزيرة» كل أربعاء وأنت - كما أنت - جميل بروحك. وشكراً لك.