علي الخزيم
تداولت الأوساط الإعلامية السعودية خلال الفترة الماضية أفكاراً تدور حول دمج فضائيات مع بعضها البعض ربما اجتهد مَنْ طَرَحَها في توجّه لتقليص النفقات وحصر الإجراءات الإدارية، ووقَفَ الإعلاميون من هذا الطرح مواقف متفاوتة بين من يرى إعادة دراسة الفكرة وبين مُعارض لها، ولو كان لي من الأمر شيء لوقفت مع المعارضين للفكرة إذ إن الزمن زمن التخصّص ليس في الإعلام فقط، ومؤخراً قابلت رموزاً إعلامية سعودية لها الرأي ذاته بتأييد التخصّص في الإعلام الفضائي؛ ومن هؤلاء المشرف العام على الفضائية الاقتصادية السعودية الأستاذ محمد بن عبد الرحمن الحميدي، إذ جمعتني به مناسبة إعلامية ضمن آخرين وكانت فرصتي لاستيضاح رأيهم في المسألة، فعبّر هو عن عدم قناعته بما تم طرحه وتداوله من أفكار (قبل تعيين وزير الإعلام الحالي) ترمي إلى إلغاء أو دمج قنوات فضائية بعضها ببعض، على افتراض أن الدمج سيُقلّص الانفاق المالي والأعباء الإدارية، مؤكداً على ضرورة وأهمية (استمرار) القنوات المتخصّصة سواء كانت اقتصادية أو ثقافية ليكون من أبرز مهامها العناية بالاقتصاد والثقافة الوطنية ولا سيما أن المملكة العربية السعودية ـ ولله الحمد ـ تعيش في مرحلة من أزهى عصورها الاقتصادية والثقافية، ولا يرى مبرراً للاعتقاد بصحة التوجّه للدمج إذا ما قيست النتائج المنتظرة مادياً بما تحققه الرسالة الإعلامية الموجّهة للمواطن والمقيم المستقبل لحزمة القِيَم والمفاهيم الاقتصادية والثقافية، فهذه إنما أفكار تطرح للتدارس كغيرها من جملة الأفكار التي تخضع للتمحيص والتداول، ثم الأخذ بالأصلح من النتائج.
كما لمست من أطروحات إعلاميين غيره إجماعهم على ضرورة تقوية القنوات الفضائية السعودية ودعمها لتؤدي دورها المأمول منها، مؤكدين على أن هذا التوجه أجدى من دمجها وتقييد أدوارها والحد من انطلاقتها للمنافسة عبر الفضاء العالمي، لا سيما إذا أخذنا في الاعتبار أن المملكة العربية السعودية عضو في مجموعة العشرين الاقتصادية الدولية، ولها دور مؤثر وكلمة مسموعة عند عمالقة الاقتصاد الدولي، وأنها أكبر مصدر للنفط في العالم وتشهد نهضة تنموية شاملة وعهداً جديداً بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز حفظه الله، وعن بدائل الدمج وتكريس دور القنوات المتخصصة؛ اتفق الجميع على أن هذا يكون بتعزيز دورها ودعمها بالكوادر المتخصصة فنياً والقدرات المتمكّنة في مجالها ورسالتها التنويرية علمياً وعملياً، وإتاحة الفرصة للأفكار المتجددة المبتكرة بأن تظهر للمتلقي عبر البرامج المتنوعة المدروسة من قبل إدارات القنوات التي لا تدّخر جهداً في هذا الاتجاه، وأملها أن تجد فيضاً من الدعم والمساندة على يد وزير الثقافة والإعلام الجديد الدكتور عادل الطريفي لأداء الرسالة على الوجه الأكمل، واستنهاض العزائم وايقاد حماس كافة العاملين في مؤسساتنا الإعلامية، فكيف يراد من أي قناة شابة فَتيّة أن تنافس شقيقاتها دون تفهّم لأدوارها ودون تقديم كل أنواع الدعم لها، فالمأمول تبنّي أفكار من شأنها دفع نشاط القنوات إلى الأمام، ودعم جهودها بكل الوسائل الممكنة كما عوّدتنا هيئة الإذاعة والتلفزيون وهي أهل لذلك.