د. خيرية السقاف
تتفاوت قناعات الناس..
لكنها تلتقي بشكل مذهل فيما يتعلق بشأن كرة القدم..
قيل إنها لغة الجماهير.. حتى عالميا.. !
وإنها تعبر عن هواية محببة لدى الجماعات، والأفراد..
لكنها بلغت منهم العصب في أفكارهم، وتوجهاتهم، بل نالت منهم منازل وجدانهم.. ومداخل علاقاتهم، وصدارة اختلافهم.. !
لم يجتمع عليها الأهل، ولا الصحب، ولا أبناء الحي، ولا أبناء المدن، ولا جماعات المناطق وإن جلسوا لبعضهم..
بل اختلفوا، كل منهم يتفرد بفريقه، بل بلاعبي فريقه، بل بالحكم لفريقهم، بل لشعار فريقهم ولونه.. !!..
غزت لباسهم، وألوانه، وأشكاله.. وطالت ألوان فُرُشهم، وعرباتهم، وأوغلت إلى أطر دواليبها، وأساور ساعاتهم، وقلاداتهم، وخواتمهم، بل أحذيتهم.. !!
ولا غرابة في أن تحتل ألوانها، وشعاراتها أحذيتهم، لأنّها كرة أقدامهم.. !!
وهي ليست بكرة عقولهم.. مع أنهم يطوقون رؤوسهم بألوانها، وشعاراتها!!..
ترى لو تكلمت الكرة من الجلد، والزخارف اللونية، ونطقت.. فما الذي ستقوله عن عشاقها، ومحبيها، والمهووسين بها، المنشغلين من العقلاء والحكماء.. وكل الأطياف والنهاء، والفقراء والأغنياء، بكل تفاصيلها من باب ناديها، إلى ساحة ملعبها..؟!!
وإنهم إن كانوا يفردون لها عناوين الإعلام، ويخصصون لها ميزانيات النشاط، ويهبونها الوقت، والأعصاب، ويخسرون معها لحظة هنيئة مع الأمهات، والآباء.. ويطلقون زوجاتهم من أجل رهان خسارة، ويبذلون النفيس عند مكسب، ويضربون صغارهم ليمنحوهم الهدوء في حضرتها، وينعزلون عن شأنهم الحياتي ليتسمروا أمامها في ملعب، وحين تحل في منفذ..
حيث أصبحت كل علومهم، ودقة خبراتهم، وشمول وجدانهم، ومبلغ فكرهم.. ؟!
ما ستقول الكرة الجلدية التي لا تفقه، يصنعها الخراز ليلهو بها قدم الطفل.. ؟!
لا غرابة إن زمت شفتيها.. وهزت رأسها..
وهي التي لا تعي ولا تدرك، لأنّها حققت استعمارها فيهم مكامن عقولهم.. !!
هؤلاء البشر في كل أنحاء العالم صنعوا منها شيئا..
جعلوها ظاهرة تتنمذج في حياتهم..
تتحكم في كثير مواقفهم، وعلاقاتهم.. !
هي الساحرة الساخرة.. !