د. خيرية السقاف
قالت: جارنا العزيز كل يوم بعد أن يختم يومه بوجبة عشاء، يضع منها في أطباق قصديرية، ومعها ماء، ولبن على رصيف الشارع..،
وفي الصباح بعد عودته من الصلاة يلملم ما تبقى من فارغ الأطباق، والعبوات، ويضعها بلطف في حاوية الفضلات..
وأردفت: راقبته لفترة طويلة، ثم سألت زوجه إن كانت تعلم عما يفعل، أوهي تشاركه هذا الاهتمام بالمارين ليلا، فأكدت أنهما معا يعدان هذا.. شريطة أن يتناولا شيئاً من الطعام قبل وضع المتبقي خارج بيتهم..
وحين سألتها لماذا..؟، كانت إجابتها للتأكد من لذة الطعام ليفتح شهية العابرين، من جهة، وللمشاركة في التمتع بنعمة الله ورزقه من جهة ثانية..
ثم هي أضافت سؤالا آخر لزوج جارهم لماذا لا يفعلان ذلك بعد وجبة الغداء، أوالإفطار..؟
فجاءها الجواب: نريد عين الله وحدها التي ترى، ثم الذين يأتون للطعام فهم إما يحتاجون إليه، أو يتكفلون غيرهم..!!
كنت أصغي لهذا في إحدى زياراتي لصديقات لم ألتق بهن منذ زمن..، أسعدتني هذه المؤانسة..،
ذلك لأن الخيرية تضاعف الوعي بها في مجتمعنا على نحو بدأ الناس يتكافلون، ليس مع بعضهم بعض، بل في أنماط عنايتهم، ورعايتهم بالحيوانات الضالة الشاردة في جنح الليل، وقيظ الظهيرة..، وبالمسنين، والمرضى، والفاقدين..
ولعل وسائل التواصل الحديثة مكنت من الكشف عنهم، وقرَّبتهم من بعضهم ليشدوا أزر بعضهم ويتفاعلون مع هذه الخيرية ومقاصد السعادة الحقة..
الأجمل أن هذه الروح سادت بين الشباب، ويتكفل بالأفعال الجميلة جيل ناهض منهم..
وإن مجتمعا مثل هذا لا شك عين الله ترعاه، ورحمته تشمله..، وعنايته تحفظه بإذنه تعالى..