حمد بن عبدالله القاضي
عندما قام رئيس وزراء العراق حينذاك رشيد علي الكيلاني بثورة ضد حكومة الإنجليز في العراق، وفشلت الثورة، ولجأ إلى ألمانيا، وهُزمت ألمانيا في الحرب العالمية الثانية، ضاقت به الأرض بما رحبت؛ فلم ير بداً من اللجوء إلى الملك عبدالعزيز، وتسلل حتى وصل إليه، ورحب به الملك عبدالعزيز، وبعد أن علم الإنجليز بلجوء الكيلاني إلى الملك عبدالعزيز طلبوا إعادته إلا أن الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وقف أمام الإنجليز قائلاً: إنه ليس من شيم العرب تسليم المستجير. وكان رد الإنجليز عليه أن بينهم وبين جلالته معاهدة بتسليم الفار، لكنه أقنعهم بأن الكيلاني عربي، وقام ضد حكومة أجنبية مستعمرة، ولا يمكن أن يدخل هذا في نطاق ما أشارت إليه المعاهدة.
بدأت مقالتي عن (اليوم الوطني) بهذه القصة لأصل منها - وباختصار - إلى ما أريد الحديث عنه من ثوابت هذا الوطن..!
إن عبدالعزيز بن عبدالرحمن أقام أساس هذا الوطن على مثل هذه القيم، فكان - بفضل الله - بناء راسخاً، لم يعرف اهتزازاً، ولم يعش أبناؤه - منذ قيامه - إلا في ظل آمن وارف، آمنين على بيوتهم وأعراضهم وأموالهم.
إنَّ الأوطان لا تُبنى على الأحجار فقط.. وإنما هي تُبنى على القيم والأخلاق والمُثُل من أجل أن تبقى، ومن أجل أن يحيا أبناؤها سعادة حقيقية، لا سعادة هشة!
ولو استعرضنا كل الإنجازات والقرارات التي تمت في هذا الوطن منذ عهد المؤسس الأول لوجدنا أنها تضع رسوخ القيم في قمة اهتماماتها.
فعلى المستوى المادي مثلاً: لا يتم إنشاء مدرسة أو مستشفى أو وزارة في أي مكان يجتمع فيه الناس إلا وتجد المسجد يحتل مكاناً مهماً وبارزاً في هذا المكان؛ ليربط الإنسان بربه في الوقت الذي يعمر فيه الأرض ويحرثها ويتلقى التعليم ويقدم الإنتاج.
وعلى مستوى القرارات، لا نجد قراراً يصدر في المملكة إلا ونجد المنطلق الإيماني هو الذي انبثق منه، سواء أكان هذا القرار سياسياً أو اجتماعياً أو تعليمياً.
=2=
أجل: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ؟؟
مرة كنت في مطار جدة ننتظر إقلاع الطائرة، وإذا بمايكروفون المطار يعلن تأخير إقلاع الطائرة حوالي 3 ساعات بسبب خلل فني!
دخل الركاب بعدها في «هرج ومرج».. بعضهم تلفظ بألفاظ سيئة على الشركة الناقلة.. بعضهم مندهش لم يتكلم وقد بدا عليه الغضب.. شخص ثالث كان بجانبي لم يزد عن ترديد الآية الكريمة وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ .. أنا كأني أسمعها أول مرة.. سكتَ بعدها غضبي الصامت.. ووجدتني أعيد هذه الآية الكريمة، وشعرت بارتياح شديد.
لقد تأملت الآية كثيراً، وفي كثير من شؤون الحياة، وجدتها صحيحة صادقة؛ فكم من مرة حرصنا على الظفر بشيء ولم يحصل فتألمّنا.. ولكن بعد يوم أو يومين تبيّن لنا أن الله جعل الخير لنا بأنه ما تحقق ما كنا نريده لأسباب ومعطيات أخرى سكبت اليقين بوديان نفوسنا. كان من لطف الله بنا أنه لم يتم وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ .
هناك أمور لا نعلم حكمتها، والمدبر بالسماء وخالق الناس هو يعلم وحده بحكمتها وأسرارها وما ينفع من خلقهم؛ فهو الأعرف بما توسوس به نفوسهم، وهو الأقرب إليهم من حبل الوريد.
=3=
جداول صغيرة
(ليس الحرمان ألا تجد ما تريد، بل الحرمان أن تفقد ما وجدت)
للأديب الراحل محمد حسين زيدان.. أجل ذلك هو الحرمان!
(إذا أراد الله بقوم سوءاً سلط الله عليهم الجدل، وابتلاهم بقلة العمل) لقمان الحكيم.
=4=
آخر الجداول
من قصيدة مكة المكرمة لأمير مكة خالد الفيصل:
(أنا أول نور في عيني سناها
وأول صوت في سمعي نداها
ولو شطّت بي الأيام عنها
ترى أول ما دخل صدري هواها)