د. خيرية السقاف
مع أن ستة سعوديين قد اجتازوا اختبارات القبول للرحلة إلى المريخ بلا عودة، إلا أن الشركة الهولندية المنظمة للمشروع قد استبعدتهم عن قائمة المئة المغادرين بعد تسع سنوات من الآن ليتركوا فوق سطح المريخ بلا عودة..!
أصبح الإنسان وسيلة تجارب، بعد أن بلغ طموح الإنسان أعنان السماء، خاض العديد من تجاربه في الصعود، والاستكشاف، والمحاكاة، وقد تطور علمه، ونال بتجاربه كثيراً من الأحلام ..، وشغفاً في الاستزادة..
مع أن أية نتائج يضعها في مخيلته، ويرسم لها توقعاته ليست مضمونة..
إذ يقف بكل طموحاته أمام بشريته، ويخضع بلا ريب لحدود متاحاتها، ومقدراتها.. تلك في مكنون أرزاقه هذا المخلوق الناطق العاقل..، ومع ذلك يستزيد طموحاً وتحدياً وبحثاً وتجربة... وهذا ما يجعله يتفوق، ويتجلّى بإنجازاته على مستوى الإضافة، ونحو تطور الحياة فوق الأرض.. مهما تعثر، أو بذل من الجهد، والزمن، ومهما اصطدم أحياناً بلا شيئية ما..!!
ربما يحزن السعوديون المستبعدون عن القائمة المكونة من أمريكيين، وأوربيين وآسيويين، فيهم من العرب عراقي واحد، ومصري آخر كما أفاد الخبر..، لكنهم في النهاية بتفكير عاقل سيدركون أنهم لن يجدوا في المريخ ما يمتعون به فوق الأرض..، على الأقل في حدود حدسي وتوقعي..
فهذه الأرض هي التي هيأها الله للبشر، أرساها لهم بجبالها، وأنبت لهم زرعها، وأنزل إليها من المزن ماءها ليشربوا، وبسط مرعاها ليقتاتوا، وأرسل إليها ضوء شمسه ليبصروا، وفضة قمره ليسكنوا، وأجرى لهم الهواء ليتنفسوا..، وألف بين مكوناتها ليتعايشوا،..
كما جعل لهم سرابيل تقيهم البرد، والقيظ، وأجرى لهم البحور، ومدها، وجعل لهم الأنعام، وطعام البحر..!،
ومكن للإنسان فيهم أن يطلق صوته، ويقف على قدميه، فكيف إن غير بيئته، وفقد توازنه، ولجم صوته، وكمم أنفاسه..؟!!
مع أن المستبعدين بلا ريب سيتساءلون لماذا لا يكونون مع المغادرين للمريخ، وهم الذين حققوا شروط القبول من خمسمئة سعودي آخرين لم يحققوها..؟!
لكنهم أيضاً قد يحركون رؤوسهم،.. ويضعون أيديهم على صدورهم، إن ذهبوا يتفكرون جيداً في المصير الذي يمكن أن ينتهوا إليه حين يغادرون للمريح في رحلة بلا عودة..!!