رجاء العتيبي
بات مسرح التلفزيون (علامة) راسخة في الأذهان لا تنمحي، انطلاقا من أن الأعمال الإبداعية تبقى أطول فترة ممكنة في الذاكرة، وكذلك هو مسرح التلفزيون كان عملا إبداعيا غير قابل للنسيان، بقي في أذهاننا حتى هذه اللحظة، بدليل أن هناك أصواتا ترغب في عودته، ولاسيما أن المكان مازال موجودا في مبنى التلفزيون وأطلاله مازالت شاهدة عليه.
والمطالبة بعودته قد تكون سمة (عاطفية) أكثر من كونها سمة (منطقية)، لأن هناك أسئلة كثيرة حول فكرة العودة منها:
هل يعود مسرح التلفزيون بنفس سماته السابقة؟ وهل من المناسب في هذا الزمن عودته بنفس سماته السابقة؟ وهل ستتابعه الجماهير الجديدة؟ هل يعود مسرح التلفزيون المكان؟ أم المحتوى؟ هل لدى هيئة الإذاعة والتلفزيون الاستعداد التام للاستغناء عن (لوكيشنات) البرامج الموجودة على خشبة مسرح التلفزيون؟ هل لديها الاستعداد لأن تدفع أكثر لإعادة تأهيله فنيا وإداريا؟ هل لديها الاستعداد لأن تدفع ميزانية تتناسب مع أهميته التاريخية؟
هذه بعض الأسئلة وهناك الكثير يجب أن نطرحها قبل أن نطالب بعودة (مسرح التلفزيون)، فالأمر يحتاج إلى دراسة وبحث وآراء تقيم الوضع تاريخيا وتقيم الوضع الراهن، وتقرأ حاجات الأجيال الجديدة لتخرج بقرار نهائي مبني على أرقام إحصائية ومرحلة زمنية لها سماتها الجديدة، وليس مجرد (ارتباط روحي) يجمعنا بهذا البرنامج الجميل الذي ظل جزءا من تاريخنا وجزءا من عمرنا.
في تقديري الشخصي، لا أرى ضرورة عودته بنفس سياقاته القديمة اسما وشكلاً ومحتوى؟ كما يدعو إلى ذلك البعض، ولكن إذا ثمة من عودة، فليعد المكان فقط، بدون المحتوى، ويصاغ محتوى جديد يتناسب مع روح العصر، حتى يبقى (مسرح التلفزيون) ذاكرة جميلة لزمن جميل، لأن أي فشل في عودته كسابق عهده، قد يؤثر على صورته الجميلة في ذاكرتنا، وساعتها سنعتب على كل من أفسد تلك الصورة.
يكفينا من مسرح التلفزيون مشاهده القديمة، التي تضفي علينا جوا من الفرح والجمال، يكفينا منه (زمن الطيبين) الذي يعملون بإخلاص وحب وتفان، يكفينا منه تلك المواهب التلفزيونية التي باتت وجها مشرقا لشاشتنا الفضية، ونجوما نفخر بهم.