يوسف المحيميد
هذه المدينة الشاسعة، ذات ستة الملايين نسمة، ليس لديها لحظات فرح وحشد كبير كما في معرض الرياض الدولي للكتاب، خاصة مع ظروفها الاستثنائية، والمختلفة عن عواصم العالم ومدنه، فلا متاحف ولا مسارح ولا سينما ولا معارض فنون، ولا حفلات موسيقى، ولا شيء سوى مئات المطاعم والمولات، وهذا المعرض اليتيم، وحتى أكون منصفاً، ومهرجان الزهور أيضاً!
ففي هذا العام الذي يغيب فيه مهرجان الجنادرية لأول مرة منذ أكثر من ربع قرن، وذلك لرحيل الملك عبدالله يرحمه الله، لا يوجد سوى هذا المعرض الذي يحتشد له أكثر من مليون زائر يضخون في أجنحته أكثر من عشرين مليون ريال خلال عشرة أيام هي مدة المعرض، وهي أرقام كبيرة قياساً بمعارض الكتب العربية الأخرى.
ولكن، كما كنا الأفضل في كثير من الخدمات في الثمانينيات، ثم سبقتنا الدول من حولنا، علينا أن نعمل على تطوير هذا المعرض، فقد كتبت مراراً بأنه لم يتغير كثيراً منذ أن كانت تنظمه جامعة الملك سعود، ما عدا تغيير وإضافات في الفعاليات المصاحبة، وتسمية دولة ضيف في المعرض كل عام، ولكن التغيير الجوهري لم يحدث حتى الآن، دخول الناشرين الأجانب، ومن مختلف دول العالم، لم يحدث بعد، وتوقيع عقود نشر وترجمة بمئات الملايين بين هؤلاء الناشرين، العرب والأجانب، أو حتى بين الناشرين الأجانب أنفسهم، كما يحدث في معارض الكتب الدولية الشهيرة في لندن وفرانكفورت ونيويورك!
كذلك على وزارة الثقافة والإعلام أن تتخلص من بيروقراطيتها والبطء في الإجراءات في كثير من الأمور، أبرزها تحديد الدولة الضيف قبل أسبوعين فقط من المعرض، بينما في المعارض العالمية يتم الانتهاء من اعتماد خمس دول لخمس دورات قادمة، أي خمس سنوات قادمة، فلماذا لا تعلن الوزارة، على الأقل، ضيف المعرض للعام القادم خلال حفل الافتتاح غداً، ليعرف القارئ والناشر هوية الدولة الضيف للعام القادم، وليس للأعوام القادمة.. صحيح أن هناك إجراءات مع جهات حكومية أخرى، وندرك أنها تحتاج وقتاً كافياً، ولكن لم لا يتم العمل مبكراً مع هذه الجهات، وأخد الموافقة من الداخل، والموافقة من الدولة المقترحة كضيف لمعرض 2016 وأيضاً لمعرض 2017 منذ الآن؟
علينا أن نحتفي بجائزة المعرض كل عام، أو جائزة وزارة الثقافة والإعلام، لأفضل عشرة كتب خلال العام الماضي، فهي جائزة مهمة، لفتت الانتباه، وحققت دوراً جيداً في تكريم المؤلف السعودي، وفي مختلف الحقول، رغم العثرات التي تصيبها أحياناً في صرف قيمة الجائزة، ورغم إهمال الجوانب الإعلامية لهذه الجائزة، ومتابعتها صحفياً وتلفزيونياً.
في المعرض لم تزل حفلات توقيع الكتب الجديدة تعاني من سوء فهم لمثل هذه الحفلات التسويقية للكتب، فأضافت الوزارة شروطاً بأن يكون الكتاب جديداً ومفسوحاً من الرقابة، ويقوم المؤلف بتعبئة نموذج طلب توقيع كتاب، فضلا عن تخصيص منصة للتوقيع، والرقابة عليها، بينما هي في المعارض العربية تُنظم في أجنحة الناشرين، ولكل ناشر الحق في تنظيم حفل توقيع، وإيجاد فرصة حوار مباشر بين الكاتب والقارئ.
على كل حال، هي ملحوظات عابرة، لا تقلل من قيمة هذا الحدث الكبير... فلنحتفل معاً غداً بالكتاب.