هدى بنت فهد المعجل
هل أنت شخص تبدي دعماً وتفاهماً مضاعفاً تجاه الآخرين؟
إذا أنت تحرز نتائج منخفضة على نحو كبير في اختبار التعاطف مع الذات، فما معنى كلمة التعاطف «أصلاً»؟
التعاطف: عطف بعض الناس على بعض، وهو القدرة على تخيل نفسك في موقف شخص آخر وعلى الإحساس بمشاعره. حيث إن العطف: الشعور بالأسف تجاه شخص آخر. بينما التعاطف:
الشعور مع شخص آخر لا يشترط فيها نشوء أو وجود علاقة حميمية بينهم. قد تتعاطف مع شخص ما حدث له تعسف في قضية تخصه، أو ظلم وقع عليه. فعندما تفهم الشخص تشعر به تحس بالذي يعاني منه وتتعامل وفق هذا الشعور والإحساس، فأنت هنا متعاطف معه. إذاً التعاطف أكثر من كونه مجرد مشاركة وجدانية. هو القدرة على الإصغاء والتبصر بهدف التعرف على أفكار الآخرين. فهو يتطلب الإصغاء الدقيق والملاحظة الدقيقة. لذا حتى نكون متعاطفين يجب أن نفهم بدقة ما الذي يجري في الآخر، وقراءة ما الذي يفكر فيه وما الذي يحسه أو ينوي فعله. لكن السؤال الأهم: هل الأولى التعاطف مع الآخر، أم التعاطف مع الذات أولاً؛ كي تصبح قادراً على التعاطف مع الآخر؟. إلى أي مدى تتعاطف مع نفسك وتتعامل معها برفق؟ هل تبدي دعماً وتفهماً للآخرين على حساب نفسك؟.
في مجال الأبحاث الذاتية اتضح أن الأشخاص الذين يبدون دعماً وتفهماً تجاه الآخرين يحرزون نتائج منخفضة على نحو مثير للدهشة في اختبارات التعاطف مع الذات، حيث يوجهون اللوم الشديد لأنفسهم بسبب زيادة وزنهم أو التكاسل في ممارسة الرياضة أشياء أخرى كثيرة غيرها.
أوحت البيانات الأولية بأن التعاطف مع الذات لدى الفرد، يمكن أن يؤثر على مقدار ما يتناوله من طعام، وربما المساعدة في تقليل الوزن. تقول الدكتورة كريستين نيف، الأستاذة المساعدة للتنمية البشرية بجامعة تكساس في أوستن: «لقد توصلت في كثير من الأبحاث إلى أن السبب الأكبر الذي يجعل الأفراد غير متعاطفين مع ذواتهم هو خشيتهم من أن ذلك قد يجعلهم غير قادرين على مقاومة رغباتهم، فهم يعتقدون أن نقد الذات هو ما يبقيهم على الطريق الصحيح. وأغلب الأفراد قد فهموا الأمر بطريقة خاطئة، لأن ثقافتنا تؤكد على ضرورة أن نكون متشددين مع أنفسنا حتى نستطيع أن نفعل الأفضل». وترى الدكتورة نيف أن «التعاطف مع الذات» يؤدي في الواقع إلى مزيد من التحفيز. وللدكتورة نيف، كتاب معنون بـ»التعاطف مع الذات: كف عن معاقبة نفسك واترك الخوف جانباً» يكون حسناً جداً للناس لو أمكن ترجمته إلى العربية.
بالنسبة للكتاب فقد اهتم بتطوير اختبار لقياس التعاطف مع الذات عند الأفراد. وهذا الاختبار مكون من 26 جملة تسعى لقياس مقدار العطف على الذات لدى الأفراد ومدى إدراكهم لتقلبات الحياة، خصوصاً أن هناك الكثير من المنعطفات صعودا وهبوطا في حياة الإنسان. حيث ترى الدكتورة أن الاستجابة الإيجابية لجملة: «أنا رافض وقاس في أحكامي على عيوبي ونواقصي» تكشف غياب التعاطف مع الذات. أما جملة «عندما أشعر بالتقصير بطريقة ما، فإنني أحاول تذكير نفسي بأن هذا الشعور مشترك بين الأفراد أو أغلبهم»، فإنها توحي بالعكس.
وفي الكتاب اقترحت الدكتورة نيف على هؤلاء الذين يحرزون تقديرات أقل مجموعة من التدريبات، ككتابة خطاب لدعم الذات، مثلما يفعل المرء مع صديق له، ووضع قائمة بأفضل وأسوأ صفاتك، مذكراً نفسك بأنه لا يوجد أحد من بني البشر يتمتع بالكمال، وأن تبدأ بالتفكير في الخطوات التي من الممكن أن تتخذها لكي تساعدك على الشعور بشكل جيد. علماً بأن ميدان دراسة التعاطف مع الذات مازال حديثاً وهو «في نظري» ميدان مهم حيث لا يمكن للإنسان أن يتعاطف جيداً مع الآخرين وبأسلوب صحيح ما لم يجد التعاطف مع نفسه أخذاً بان حب الذات وتقديرها مقدم على حب الآخرين وتقديرهم.
وبالنسبة للتعاطف مع الذات فإن الدراسات أثبتت دوره في تقليل الضغط والاكتئاب في الحياة، وبالتالي كل ما يحتاجه الإنسان تطوير عادة التعاطف مع الذات والذي يعد عادة ضمن العادات السبع للحفاظ على صحتنا النفسية والتي هي:
1- استعد توازنك بعد الفشل.
2- حاول ان تجد المعنى في حالات الضياع والصدمة.
3- لا تستسلم للرغبة في الاكتئاب وإطالة التفكير.
4- غذ احترامك لذاتك.
5- استعد إحساسك بتقديرك لذاتك بعد الرفض.
6- واجه الشعور بالوحدة بالامتناع عن التصرفات المدمرة ذاتياً.
7- أزل إحساسك المفرط بالذنب بإصلاح علاقاتك المتهورة.
النتيجة: لا يمكن لإنسان غير متعاطف مع ذاته ولا شاعراً بها، أن يعرف كيف يتعاطف مع الآخرين ويحس بهم إحساسه بنفسه، لأنه لم يحس بنفسه أصلاً.
بمعنى أكثر دقة «لن يشعر بالآخرين شخص لم يستطع الشعور بذاته».