د. عبدالرحمن الشلاش
الكلام عن المدارس الأهلية ليس وليد اليوم، فالحديث عنها مستمر طالما بقيت الهوة الشاسعة بين ما يقدمه بعضها من خدمات وبين ما تأخذ من رسوم باهظة من جيوب أولياء الأمور قائمة. الخدمات المتواضعة هي سمة معظم المدارس الأهلية في بلادنا وبالذات تلك المدارس الأهلية القابعة في مباني مستأجرة أو مباني تعليمية متهالكة عفا عليها الزمن. أضف لكل ما سبق ضعف مستوى الهيئات التدريسية، والشح في دعم الأنشطة المدرسية المتنفس الوحيد لأبنائنا وبناتنا من الطلاب والطالبات، وسوء الملاعب إن وجدت، وضيق الساحات. ولي الأمر يسجل أبنائه في المدارس الأهلية طمعا في خدمات تفوق ما تقدمه المدارس الحكومية إلا أن الأغلبية يصدمون بالواقع المزري لمدارس يفترض أن تكون بأفضل معايير الجودة التعليمية بل أن بعض أولياء الأمور تكلموا بشفافية عن الوضع وكيف أن معظم تلك المدارس لا ترقي بأية حال لمستوى المدارس الحكومية فكيف يؤمل فيها أن تقدم ما نطمح إليه؟!
نهاية الأسبوع الماضي تأبط ملاك تلك المدارس خمسة ملفات ضخمة وساخنة لتدارسها مع معالي وزير التعليم ليس من أجل تطوير الخدمات وتحسين الأداء لمواكبة متطلبات المجتمع وتحقيق توقعاته ولكن لتخفيف بعض الشروط المفروضة من الدفاع المدني على بعض المدارس المتهالكة والخاصة بتصاريح السلامة، وسبق للدفاع المدني أن هدد بإغلاق 70% من المدارس الأهلية لعدم التزامها باشتراطات السلامة ومنها المبنى التعليمي، وحدد العام المقبل آخر فرصة لتصحيح أوضاعها، ومع أن عدم توافر شروط السلامة يهدد أرواح فلذات أكبادنا إلا أن الملاك لا يهمهم إلا تخفيف الشروط حتى ولو كان على حساب أرواح البشر وكان الأولى أن يطلبوا من الوزير دعم المدارس وإيجاد حلول لمواجهة مشكلاتها بدلا من مخاطبة الجهات المعنية والقفز على النظام لتخفيف الشروط.
يبدو أيضا أن ملاك المدارس في سبيل سعيهم لتحقيق مزيد من الأرباح مازالوا غير مقتنعين بالعقود الحالية المبرمة مع المعلمين السعوديين لذلك طلبوا من الوزير إعادة صياغة العقود وبحسب زعمهم بما يحقق مصالح جميع الأطراف، فهذا الموضوع لايزال يؤرقهم منذ أن صدرت الأوامر بأن لا تقل رواتب المعلمين عن مبلغ 5600 ريال شهريا.
ومن الملفات الساخنة أيضا ملف قروض بنك التسليف للمدارس الأهلية ورياض الأطفال، وعدم قدرتها على سدادها مما أدى إلى إغلاق العديد منها! وهنا سؤال يحتاج لإجابة فمدارس غير قادرة على تطبيق شروط السلامة وتسديد ما عليها من قروض، وعاجزة عن دفع مرتبات الموظفين والمعلمين رغم ما تحصله من أموال طائلة من وراء الرسوم الباهظة هل هي جديرة بالاستمرار رغم أن ما تقدمه لزبائنها دون الطموح بكثير؟
بما أن الملفات التي أتيت على ذكر بعضها قد وضعت عل طاولة معالي وزير التعليم فأتمنى من معاليه تشكيل فريق عمل مدعم بالخبرات والمختصين لدراسة الوضع غير اللائق للمدارس الأهلية من واقع الميدان ووضع معايير شديدة الإحكام للمدارس الأهلية تركز على الجوانب النوعية واشتراطات السلامة وجودة الخدمات، والمدارس التي لا تنطبق عليها المعايير تقفل بالشمع الأحمر فقد سئم الناس من مماطلات الملاك. وجدير بالوزارة من الآن فصاعدا التركيز على النوع لا الكمّ!