سمر المقرن
غدًا هو اليوم العالمي للمرأة، لعلها فرصة للوقوف والتأمل في كل دول العالم التي تدخل ضمن منظومة الأمم المتحدة أن تعيد حساباتها مع المرأة، وأن تصفق للانجازات، وتُراجع الإخفاقات، وتعتزم التغيير الإيجابي الذي يهدف إلى صالح المجتمعات.
في مثل هذه المناسبة لابد أن أستحضر كلمة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، حين قال: (البلدان التي تكون فيها نسبة المساواة بين الجنسين أكبر يكون نموها الاقتصادي أفضل، والشركات التي تولي أمور قيادتها لعدد أكبر من النساء يكون أداؤها أحسن، واتفاقات السلام التي يشترك في إعدادها عدد أكبر من النساء تكون أدوم أثرًا، والبرلمانات التي يشغل مقاعدها عدد أكبر من النساء تستن تشريعات أكثر في القضايا الاجتماعية الرئيسية، كالصحة والتعليم ومناهضة التمييز ومؤازرة الطفولة.. فثمة إذن دليل واضح على أن تمتع المرأة بالمساواة يحقق التقدم للجميع).
في كل مقطع من شهادة بان كي مون نحتاج إلى تأملها وتفعليها إن كنا حقيقة نطمح إلى التقدم، فالنمو لا يمكن أن يتم من جانب واحد، هو منظومة متكاملة تنهض بالمجتمعات بنسائها ورجالها، وعدم وجود توازن بين الطرفين يخلق خللاً مجتمعياً وثقافياً ويسقط المجتمع في هوة ليس لها آخر.
في كل عام يأتي اليوم العالمي للمرأة حاملاً معها شعارًا بناءً لأهداف عديدة.. وفي هذا العام نستقبل هذا اليوم تحت شعار (حق المساواة هو تقدم للجميع) لم يوضع هذا الشعار بشكل عبثي، وهو بالتالي ليس تلقائياً، إنما مدروس بحسب حاجة الشعوب ورؤية التطلعات والاحتيجات المجتمعية لدول العام، كما أنه وللعلم وهذا أقوله للناس المهووسة بفكرة المؤامرة، ومن يعتقد أن الأمم المتحدة بكل لجانها وآلياتها التعاقدية وغير التعاقدية ليس لديها عمل سوانا، وكل همها التفكير بنسائنا.. فأحببت أن أوضح لهم بأن العمل الدولي لا ينظر إلى دولة بعينها، ولا نساء مجتمع بذاته، إنما هو عملٌ دولي ينظر لقضايا العالم نظرة شمولية، فلا تعنيهم نساء ذلك البلد ولا أطفال بلد آخر، بقدر ما تعنيهم القضية الدولية ونسبة تفاوت حدوثها بين بلدان العالم.
كنت وما زلت أتمنى أن تكون هناك مشاركة محلية فعّالة في هذا اليوم، وأن تتفاعل معه المدارس والجامعات كما يحدث في كل دول العالم القريبة منا والبعيدة، بما يتضمن من فعاليات توعوية بحقوق المرأة خصوصًا وأننا على مشارف الاستعداد لفتح أوراق الأهداف الإنمائية للألفية وما بعد 2015م، والتي نحن من ضمن الدول التي وقعت عليها وتعهدنا بتحقيقها وهي ثمانية أهداف من بينها (تحقيق المساواة بين الجنسين).
إنّ المجتمعات التي تكون فيها المرأة مقموعة، وتُعامل كمواطن من الدرجة الثانية، وتنظر لها الأنظمة والقوانين أنها قاصرة من المهد إلى اللحد، لن تقف هذه المجتمعات على أرضية صلبة بل ستظل في حالة غرق كلما أرادت النهوض التنموي سحبتها الرمال السائبة، فالمساواة ليست مطلباً حقوقياً فحسب، بل هي مطلب تنموي وثقافي ومجتمعي وأخلاقي، ينجو بالمجتمعات من فخ العرقلة ويرفعها إلى جني النتائج الإيجابية لأجل الجميع وليس لأجل المرأة فقط..!.