علي عبدالله المفضي
(أنت رجل تحرك مدينة وأنت في بيتك) هذه العبارة قيلت لرجل كان يقرأ كثيراً، ويحث على القراءة كل من حوله من الأصدقاء والمعارف والأقارب.. رجل عشق الأدب الذي هو كما قيل (الأخذ من كل فن بطرف). والرجل الذي نتحدث عنه لم تكن قراءته في فن معين، بل في كل فن. وسبب الكلمة التي قيلت له بعد أن التقى بعض المراهقين في ذلك الزمن، ووجد أن جُل اهتمامهم ينحصر في الرياضة والأغنية، وتحدث معهم بحب عن القراءة والمتعة التي يجدها في الغوص في بحر الحروف، وربما كان حديثه مؤثراً؛ إذ منح عدداً منهم جزءاً من وقته للقراءة، وبدؤوا بشراء الكتب وتبادلها فيما بينهم، وحين التقى أحدهم قال له تلك العبارة التي أثلجت صدره؛ إذ استطاع أن يؤثر في عدد من الناس وهو في بيته فعلاً.
اليوم، كنز كل منا في جيبه، ولا يحس بذلك؛ وبالتالي لا يستثمر ذلك الثراء على الوجه الأمثل. إن جهازك المتنقل (هاتفك المحمول) تستطيع أن تدخل من خلاله إلى أي مكتبة تشاء في العالم، وتطلع على ما تحب الاطلاع عليه دون سفر أو عناء، بل وبمال زهيد، ولك الخيار في اقتناء أي كتاب تشاء في مكتبتك المتنقلة؛ فالكتب الإلكترونية المتاحة بشكل مجاني، وفي كل فن، أكبر من أن تحصى.. كم منا مَنْ شكر الله على هذه النعمة التي كان الآباء ورواد العلم يحلمون بجزء ضئيل منها مما هو متاح للجميع دون استثناء، وبكبسة خاطفة؟