رمضان جريدي العنزي
للبدع والخرافات والسحر والخزعبلات وتفسير الأحلام الكاذبة أسواق وزبائن ومرتادين وعشّاق وهواة، هناك من يسمح لعقلة بالتعطل، ولتفكيره بالشخير، وبإيمانه بالوهن، ولتدبره بالكساح، بل يلهث وراء ما لا يصح الركون إليه بحال من الأحوال، أنهم ضحايا الدجل والتضليل والمتاجرة بالشعارات الخرافية والادعاءات العريضة والقدرات الكاذبة، التي ما أنزل الله بها من سلطان
أنها مجاميع شيطانية من مُتْقني فنون التحايل والتلاعب بمشاعر وحاجات وظروف الناس، يستغلون الثغرات وينفذون منها، ويوقعون في حبائلهم الكثير ممن لا يقوى على التمحيص والتدقيق والتفكير، والتمييز بين الغث والسمين، فيضحكون على ذقونهم ويبتزونهم أيما ابتزاز، ليست الغرابة في اصطياد المشعوذين لزبائنهم، فهؤلاء يستخدمون من السحر والمكر والكذب والبهت والحيلة والتنظير العجب العجاب، وإنما الغرابة في وقوع من لا يترقب منه الوقوع في مستنقع الأباطيل والأضاليل من ذوي الفهم والمعرفة والعقل والإدراك في شباك هؤلاء الدجالين المرتزقة المنحرفين، أن وجود المشعوذين لا يخلو منه زمان معيّن، ولا بلد معين، ولا أرض معينة، أنهم موجودون في مختلف الأمكنة والأزمنة قديما وحديثاَ، يزرعون أشواك الخراب في النفوس، يتخندقون في الحفر، ويختفون في الممرات الضيقة، ويصادرون الواقع بأحجيات كاذبة، وتفسيرات أحلام واهمة، وينغمسون في مستنقعات الغش والضياع، أن الخرافة يبرأ منها الدين الإسلامي العظيم، ومع ذلك فقد يصدقها بعض الناس المغفلون، حتى أصبح بعضهم يتهاتف عليها، كما يتهاتف الفراش على النار، أن الإسلام دين علم ونور وتدبر، وتفعيل عقل وتفكر، وليس دين انطواء ونكوص وظلام وتلكس، أن من حقنا فضح هؤلاء الظلاميين، الذين رضوا بعيش الخداع والاستلاب الحرام، لأنهم أخطر من كل الأوبئة التي على ظهر الأرض أو في باطنها، لقد اقتبسوا جهائل من جهال، وأضاليل من ضلال، ونصبوا للناس أشراكاً من حبال زور وبهتان، لقد حملوا الناس على آرائهم، وعطفوا الحق على أهوائهم، لا يخافون من العظائم، ويهونون كبير الجرائم، يقفون عند الشبهات وفيها يقعون، يهوون البدع، ويضاجعون الخرافة، صورهم صور إنسان، وأرواحهم أرواح شيطان، يعرفون طريق الهدى لكنهم لا يتبعونه، ويرون باب العمى فلا يصدون عنه، هم أحياء لكنهم ميتون، أصحاء لكنهم مرضى، فأين يذهب هؤلاء؟ وأين يؤفكون؟ والأدلة قائمة، والآيات واضحة، والمنارات منصوبة، هم يتجنبون الميزان الإلهي في معرفة الحق، ويصدون عنه، ويركضون خلف الخرافة، أنهم شواذ، مارسوا الاستثقاف المزيف على الآخرين، شواذ فكر، وأسانيد باطل، ومرتزقة مال، جعلوا من الضحك على الآخرين مطية، ومن الخزعبلات وسيلة، ومن المال هدف وغاية، أنهم يتعجلون التيه والضلالة، لقد استنفذوا عقولهم قبل الأوان، أصبحوا قلقين، تعبين، يسيرون على غير هدى، يطأطئون رؤوسهم الخربة الخرة المثقلة بأمراض الجهل ووعود الرهان على الخرافة، لكنهم لن يغيروا من الحقيقة شيئاً، فنور الحقيقة تمحي الظلام، والشمس تذيب الجليد، وسيتساقطون كأوراق الخريف البلهاء التي تستجدي من يطأها لتلفظ أنفاسها الأخيرة من دون نزاع طويل.