د. خيرية السقاف
لم تقتصر المبادرات التكافلية في مجتمع الخير الذي يلمنا على الرفق بالحيوان، وبالطفل، وبالضال، وبالمحتاج للمال والكساء والغذاء، بل امتدت لإطعام الفقراء وجبات في مطاعم شهيرة دون مقابل، ونهضت النساء يرعين المسنات ويتبارين في إفاضة الفرح والسرور إلى نفوسهن بقيامهن بزيارتهن وتقديم الهدايا لهن..
وانتشر فعل الخير في النفوس بل زادت الخيرية في المجتمع..
ولعل من مبادراتها المفعمة بالإنسانية مناصحة الضالين، وعلاج المنحرفين، وكفالة أيتام الشهداء، وإيواء ذوي الفاقة من الموسرين وأصحاب المشاريع المتنامية تلك التي تشبه جداول الماء الممتدة نحو الجذور الضامرة، والغصون الجافة..
ولعل في برامج الإرشاد الأسري جوانب من الإنسانية تشمل لم الشمل، وإصلاح ذات البين، ورأب الصدع، وتذويب غش القلوب وتطهيرها منه..
وفي مبادرة بالغة في الإنسانية هي امتداد لمبادرات تزويج الشباب، وإقامة البيوت المطمئنة، وبث الطمأنينة في نفوس العاجزين أن بلغ بأحد أفراد هذا المجتمع ويدعى «فهد»، البالغ من العمر خمسين عاماً أن ذهب يستشير في شأن مبادرة فكر فيها، ثم نفذها وهي الاقتران في حدود متاح التشريع له بالخارجات من السجون، خشية أن يلفظهن المجتمع، ويقسو عليهن القربى، وينبذهن العارفون بحالهن..فوجد التحفيز من ذوي الحكمة والرأي، وذهب يقتفي سبيل إرضاء الله في إيواء ثلاثاً منهن، وفي سبيله لخطبة الرابعة بعد خروجها من السجن، رجاء في رضا الله، وعملاً لوجهه تعالى..
وفهد يسعى لتأسيس جمعية لإيواء هؤلاء النسوة ابتغاء توعيتهن، وحمايتهن من تجارب سابقة مريرة داخل أسر آمنة..
ذكرت ذلك صحيفة عكاظ وتناولت الخبر مواقع عديدة.. بما نصه: «أقدم فهد على هذه الخطوة بعد قناعته التامة بأن المجتمع يجب أن يتقبل هؤلاء الفتيات لكي يستطعن سلوك الطريق الصحيح»...
مبادرة فيها من الخيرية والتكافل الشيء الكثير..، تكتسب قيمتها من هدفها..، قد توافق ظروف عديد من الناس، وتناسب أوضاعهم.
وهي تعنى بفكرة الصفح، والتجاوز، والاحتواء.. وهو نهج أخلاقي وجه إليه نبي الأمة عليه الصلاة والسلام.
فيما تعود الناس على الإقصاء لكل خطَّاء من البشر دون اعتبار لتوبته، أو الأخذ بيده نحو الأمان. رجلاً وامرأة، صغيراً، وكبيراً.
لذا يمكن للمجتمع أن يطرح العديد من المبادرات الأخرى من أجل تتمة خيريته، والعناية بأفراده التائبين تماماً كما هي عنايته بالمعوزين، والفاقدين.