سعد الدوسري
إنَّ أهمَّ مكتسب لشباب جيل الثمانينيات هو الصراع بين التجديد والتقليد؛ فلقد حفّزهم لتقديم كلِّ ما لديهم؛ لكي يضعوا أنفسهم في تحدٍّ مع التقليديين المسيطرين على مفاصل الواقع. وكانت مسرحية «عندما يكتب البطل هزيمته» واحدة من المحاولات التي كانت تعلنُ التحدي في وضح نهار المسرحيين التقليديين.
جاء الشاب راشد الشمراني من الطائف إلى الرياض مفتوناً بالحداثة الشعرية، وبالتحديد حداثة الشاعر محمد الثبيتي - رحمه الله -، خاصة أن المسافة بين «طائف» الأول و»مكّة» الثاني لم تتجاوز عشرات الكيلومترات من الجبال الشاهقة بالتحدي. وحين اطّلعَ على نص المسرحية التجريبي في شهر فبراير 1987م لم يتردد في قرار أن يخرجه ليوم المسرح العالمي، وأن يلعب فيه دور البطولة، مهما كانت المعوقات التي كان يعي أنها ستتكوّم أمامه من قِبَل الجميع. كان واثقاً بأنه سيكسب الرهان، في ظل احتفاء النقاد والكتَّاب الحداثيين بتجاربه السابقة، والإشارة لها بإيجابية في مقالاتهم الصحفية.
اختار راشد مجموعة من الشباب الذين كانوا يشكِّلون فريقاً متجانساً ومنسجماً، وأضاف إليه بعض شباب فريق المسرح بجامعة الملك سعود، ودخل بهم التجربة، وقد أغرقها بالأنماط التجريبية الجديدة تماماً عن مناخات المسرح السائدة؛ فصدمَ بها الجميع، حتى أولئك الذين كانوا مطلعين على تجارب المسرح الجديد ومحبين له. وكانت النتيجة أن صفق له المؤمنون بالحداثة، واعتبروه يخطو بهذا الفريق المتناغم خطوة مهمة باتجاه المسرح الحقيقي، حتى وإن غابت المرأة عنه.
كان بعضُ المقربين من راشد، من الكتَّاب والممثلين والمخرجين، واثقين بأنه سيخسر كثيراً في تقاربه مع كتَّاب الحداثة، لكن الذي حدث هو العكس.