د.علي القرني
دول مجلس التعاون الخليجي لن تسمح لإيران أن تحتل اليمن.. كما أن إيران لن تسمح لدولة خليجية أن تحتل عربستان.. واليمن هي دولة مستقلة ويجب أن تبقى كذلك.. ولن يرضي المواطن اليمني أن ترفع أعلام إيران على مؤسسات في صعدة أو في أي مكان آخر عدا السفارة اليمنية في صنعاء كبرتكول سياسي معتاد..
هذه حقائق يجب أن يعيها الحوثيون وجماعات الرئيس السابق علي عبد الله صالح.. التمادي الذي يقوم به الحوثيون ومعهم مرتزقة علي عبد الله صالح يعد عبثاً وفوضياً ستؤدي حتماً إلى مزيد من إسالة الدم اليمني وبعثرة الأوراق السياسية والأمنية في اليمن. أن التمادي الذي يحدث حالياً من تحريك قوات الحوثيين وجنود علي عبدالله صالح واحتلال مدن وقمع مواطنين، وتهديد بغزو الجنوب اليمني، إضافة إلى ضرب القصر الرئاسي للرئيس الشرعي عبد ربه منصور هادي هو لعب بنار الحرب الأهلية التي ستكون قاسية جدا في مجتمع قبلي وتنوع مذهبي وأحزاب سياسية..
ولا شك أن الريموت كنترول الذي يدير هذه الحرب من طهران وينفذها الحوثيون سيستمر في تأزيم الموقف الداخلي في اليمن، فلن ترضى إيران بأقل من استمرار الحوثيين في احتلال صنعاء العاصمة الإيرانية الرابعة لهم في المشرق العربي بعد بغداد ودمشق وبيروت.
إن الحوثيين باتوا مسلوبي الإرادة أمام أسياد القرار في إيران، وباتوا روبتات تتحرك بأوامر من قم وطهران، وإيران لحسابات دولية وإقليمية ستفوت على الحوثيين أي فرصة للتراجع والحوار، وحتى لو حدث الحوار لن يخرج بأي قرارات وطنية ترضي الهيمنة الإيرانية في المنطقة. إيران تريد أن تضيف الورقة اليمنية إلى أوراق الضغط على الولايات المتحدة والغرب في مفاوضات النووي الإيراني، لعل وعسى أن يتنازل هذا الغرب عن بعض الشروط التي يفرضها على إيران للحد من فرص امتلاكها للسلاح النووي.
وفيما يبدو أن دول مجلس التعاون الخليجي لم تسمع بما يحدث في اليمن إلا مؤخراً، لأنها لم تتحرك مبكرا لاحتواء الصراع اليمني وتبديد فرص التوسع الحوثي، وتركت وللأسف الأمور تتأزم والأحداث تتسارع والتغلغل الحوثي يمتد، وربما أن سياسة عدم التدخل في الشؤون الداخلية لليمن هي التي سيطرت على المفهوم الخليجي للأزمة اليمنية. وتصحو دول مجلس التعاون الخليجي اليوم لتجد ذاتها أمام إمكانية احتلال إيراني كامل لليمن مع قرب الحشود العسكرية من الجنوب اليمني بما فيها الميليشيات الحوثية ومرتزقة علي عبدالله صالح الذين يصرف عليهم من المقدرات اليمنية التي استولى عليها والتي كانت متجهة إلى التنمية المحلية.
دول الخليج هي اليوم أمام مفترق طرق، إما أن تترك اليمن لإيران أو أن توقف النفوذ الإيراني في اليمن التي كما قال الأمير سعود الفيصل: «أمنها جزء لا يتجزأ من أمن دول مجلس التعاون الخليجي»، وكما نجحت دول المجلس من إيقاف التهور الإيراني في مملكة البحرين سيكون بمقدورهم أن يوقفوا الزحف الإيراني على اليمن. فالقوة العسكرية الخليجية هي قوة ضاربة تستطيع أن تقلب موازين القوة في المشهد اليمني إذا أرادت. ومما يعزز من نجاح التدخل الخليجي سياسياً وعسكرياً هو أنهم في صف الشرعية السياسية في اليمن، إضافة إلى صف الأغلبية الساحقة من أبناء وبنات الشعب اليمني.
وكما تشير إلى ذلك الاستراتيجية العسكرية فهناك خيارات كثيرة للتدخل الإقليمي الخليجي والدولي. ابتداء من فرض حظر جوي إلى إنزالات مظلية إلى ضرب تحرك القوات الحوثية وإلى إمداد قوات الجنوب والحشود الشعبية بأسلحة وذخائر وإلى تدخل جزئي في صعدة وما حولها.. هذه سيناريوهات عسكرية لا شك أنه تم تداولها أو سيتم تداولها قريبا عندما يتم استدعاء الخيار العسكري. إن الحوثيين لا يمتلكون الأسلحة أو الخبرة أو الدراية العسكرية الكافية لحرب حديثة، وما يعزز انتشارهم حاليا هو أنهم يواجهون مدنيين عزل إضافة إلى استعانتهم بمستشارين عسكريين يدفع علي عبدالله صالح مرتباتهم من ثروته التي سلبها من المواطن اليمني البسيط. أن أي تدخل عسكري يجب أن يشتمل على سيناريوهات عديدة وخيارات متنوعة، وأتوقع أن هذا ما يدور حاليا في وزارات الدفاع لدول مجلس التعاون الخليجي لأن الخيار السياسي سترفضه إيران قبل الحوثيين، سواء عقد في صنعاء أو عدن أو الدوحة أو مسقط أو الرياض.