جلال الطالب
آرت دبي أشبه بشمعة مضيئة تتراقص خيوط أشعتها على جنبات لوحة تشكيلية تتوق إلى بصيص من النور، بليالٍ تكتنفها عتمة الظلام.! هي دبي دانة الدنيا التي أصبحت حاضنة للفنون بقناعة تترسخ في يقينها المتجدد والمتطور، والفنون بالنسبة إليها انعكاس للقيم والأخلاق، ينهض على أسسها المجتمع، ويرتقي الفرد بثقافته وذائقته؛ نراه جليّاً على أفراد الأسرة الإماراتية. فالهدف المنشود لدانة الدنيا هي كيف تكون مدينة وشعبًا من أجمل وأرقى شعوب العالم، حيث إن الاهتمام بالفنون هو استثمار في عقلية الإِنسان المنفتح على الآخر ليبادله الثقافات.
السؤال الذي طالما أرّق الكثير منذ سنين: لماذا لا يوجد لدينا آرت جدة أو آرت الرياض أو حتى آرت السعودية؟! ما الذي يجعل أولئك أفضل حالاً منا، ونحن نمتلك جُلَّ الإمكانات التي تساعدنا على التميز والمنافسة والرقي بفنانينا ومجتمعنا.
تخيل معي آرت السعودية وتحتضنه مدينة جدة على سبيل المثال كيف يكون؟ أولاً يتم تكوين لجنة عليا من قبل الوزارة وتكون مهمة هذه اللجنة تحديد الأهداف والآلية وتكون جهة إشرافية على المعرض، وعلى ضوئها يتم الاتفاق مع إحدى الشركات المحلية المتخصصة المستوفية الشروط العالمية بتنظيم المعارض والمؤتمرات وتبرم الشركة المحلية عقد شراكة مع احدى الشركات العالمية الخبيرة بهذا الخصوص ومن ثم يتم تهيئة مكان وصالات للعرض يتناسب مع طرح المنتج الفني أكان لوحات أو منحوتات أو مجسمات مفاهيمه، ثم ترسل دعوات لصالات العرض العريقة لحجز المساحة التي تتوافق مع عرضها لأعمالها لتكن البداية 20 صالة عرض لعلنا بالدورات القادمة نتجاوز هذا الرقم بازدياد الخبرة لنكون مثل آرت دبي ونصل إلى 75 صالة.
من فوائد هذا المشروع على سبيل المثال الارتقاء بالمشهد التشكيلي السعودي بصفة عامة، سواء كان مؤسسات أو أفرادا ليقفوا على أبواب الفنون العالمية أكان فكراً أم تقنيات فنية، بالإضافة إلى المساهمة بالنمو الاقتصادي للمدينة المحتضنة بالإضافة للإرادات التي سوف تحققها الشركات المنظمة والمبيعات لصالات المشاركة، واستقطاب عشاق اقتناء الأعمال الفنية ورفع الذائقة الفكرية البصرية بالتعريف بالمنتج الفني لدى الزوار وزيادة الخبرة عند الفنانين ليتعرفوا على إنتاج الحضارات الأخرى والتقنية المستخدمة من خامات ومواد فنية.
الشاهد هنا ان الاهتمام بالفنون لدى الأنظمة أو شعوبها هو مقياس علمي لمعرفة قوة هذا الكيان من ضعفه.