د. محمد عبدالله الخازم
بقدر ما تنجزه قواتنا ويفعله جنودنا البواسل في أرض المعركة في الجانب العسكري، فنحن بحاجة إلى دعم دبلوماسي وإعلامي رسمي وشعبي. الحرب في العصر الحالي ليست مجرد قتال بين طرفين، بل هي عملية معقدة من الدبلوماسية العالمية والإعلام والدعاية واستقطاب الرأي العالمي والمحلي. العالم الحديث أصبح متشابكاً ومتداخلاً وبحجج مختلفة كل يتيح لنفسه التدخل في شؤون الآخر؛ تارة باسم الإنسانية وأخرى باسم حقوق الإنسان وثالثة باسم السلام ورابعة باسم الحرية وخامسة باسم البيئة، وغيرها من المبررات.
باسم تلك المبررات يقفز الانتهازيون والحاقدون لتشويه الصورة الإنسانية والهدف السامي الذي تسعى إليه بعض الدول الصادقة في أهدافها. وأمام ذلك، يصبح لزاماً عدم الاكتفاء بحسن النوايا والتركيز على العمل الحربي في الميدان وإنما المطلوب خلق معركة إعلامية موازية للمعركة العسكرية يتم من خلالها إيصال صوتنا وتوضيح مبرراتنا وأهدافنا.
الإعلام الحربي لم يعد مجرد نشرة أخبار إذاعية أو تلفزيونية أو بيان موجز، بل وسائل متعددة وقنوات كثيرة فاغرة أفواهها لا تشبع ولا ترتوي.
في الحرب يتحول كل مسؤول ومن موقعه إلى وزير إعلام يشرح المواقف ويبرر الوسائل ويكرر الأهداف ويدافع عن التوجهات ويواجه أسئلة الآخرين، وفي حربنا الحالية لابد أن نشيد ببعض الأصوات السعودية الواعية لمثل هذا الدور ومنها سفيرنا بالولايات المتحدة، الذي قام بدور لم يفعله سفراؤنا الآخرون وبعض وزرائنا المعنيين.
إعلامنا المحلي لم يقصر ككتاب ومحللين محليين، لكنهم لم يتجاوزوا التقليدية والمحلية في هذا الشأن. وأرجو أن يعذروني في هذا التعبير. ولكن العتب ليس عليهم فقط، بل أضع جله على غياب صوت المسؤولين الرسميين، حيث إن مهمة الإعلامي هو تحليل الخطاب الرسمي ودعمه وتفسيره. مهمة الإعلامي والناقد والمحلل والمفكر تحليل الخطاب والمعلومات، فكيف نتمكن من ذلك عندما تكون المعلومة غائبة أو لم يتم إيصالها بوضوح. أنا كمتابع ليس لدي معلومات استخبارية أو سرية، أجد هناك فقراً في المعلومات المتوفرة وضعفاً في الخطاب الرسمي وفي تحليل خطاب القيادة العليا.
في مثل هذه الحرب نسأل أين وزراؤنا وأين مسؤولو القطاعات العسكرية والسياسية؟
يردح الإعلام بتصوير الحرب كطائفية فلا ينبري المسؤولون لتوضيح الأخلاقيات التي تقوم عليها الحرب باعتبارها حرب البحث عن السلام والأمان لبلادنا وجيراننا وبأنها حرب لنصرة الأشقاء. يروج الإعلام أحاديث عن مخرجات وأهداف الحرب فلا يتصدى مسؤولونا لتوضيح الصورة والهدف المنشود من هذا التدخل لنصرة الأشقاء. يروج الإعلام لقضايا إنسانية وخسائر متوهمة، فلا نجد مسؤولينا يتصدون للمهمة بقوة وحزم.
الإعلام ليس مثالياً يكتفي بمجرد تصريح واحد يجب أن يسمعه الجميع، بل عملية من التكرار و التكرار والتكرار والترويج، فلماذا يخشى مسؤولونا من تكرار الظهور وتكرار بث رسائل الاطمئنان وتوضيح الصورة الأخلاقية لما نقوم به من حرب نعرض أبناءنا فيها للخطر لغرض إنساني يتمثل في نصرة الأشقاء. لم يضر سفيرنا بواشنطن ظهوره المتكرر في أكثر من قناة أمريكية للحديث في هذا الشأن وهذا ما نريده من بقية المسؤولين بالذات ذوي العلاقة. وزارة الخارجية ليست فقط سمو وزير الخارجية وسفيره بواشنطن، بل لديها نواب ووكلاء وسفراء فأين هم في مثل هذا الظرف؟ وزارة الإعلام ووزارة الدفاع ووزارة الحرس ووزارة الداخلية لديهم مسؤولون وخبراء كثر فلم يكتفوا فقط بالموجز اليومي ولا نرى ظهوراً لمسؤوليها؟
لقاءات وتصريحات خادم الحرمين الشريفين وبيانات مجلس الوزراء، لماذا لا يدعمها بقية المسؤولين بالإيضاح والإضافة والدعم؟ ولماذا لا يسبر أغوارها الإعلام السعودي بكل اللغات إلى تصريحات ولقاءات وخطابات إعلامية واعية ومكثفة؟