يوسف بن محمد العتيق
لم استغرب أن يخرج أخي الباحث والشيخ عثمان بن عبد العزيز العسكر كتابه «من نفح الوثائق» بهذا التَّميز العلمي والجمع بين نبش الباحث المهتم بالوثائق الأسرية وبين ضوابط الباحث الأكاديمي الصارمة.
والشيخ عثمان يعيش في بيئة علمية بين أشقاء يشاركهم العلم والتحصيل وهم بحمد الله مضرب المثل في البحث والاجتهاد واقتناء أميز الكتب والقراءة.
«من نفح الوثائق» هو عنوان العمل، وقد ذكرني في عمله بطريقة علماء الحديث القدامى الذين يأتون إلى الحديث النبوي ويستخرجون كل ما فيه من الفوائد والدرر، وكذا فعل ابن عسكر مع الوثائق التسع في كتابه، فقد كان العمل في ظاهره عن منطقة سدير (محافظة المجمعة) إلا أنه عمل وطني بامتياز يخدم كل دارس في البيئة النجدية من شمال نجد إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، بل وفي سائر أرجاء وطننا الحبيب.
أعجبني في عثمان أنه تحدث عن أسرته كما تحدث عن كافة الأسر في المنطقة وكان متوازنًا مع الجميع، وتحدث عن الإعلام بطريقة موضوعية ومنهجية، فلم تأخذه العاطفة تجاه أسرته وأبناء عمومته، وهم يستحقون كل تقدير وأكثر.
في الكتاب حديث عن إعلام ومواضع ومسائل تاريخية وفقهية تطرق لها مشيرًا إلى المصادر والمراجع التي تخدم الباحث طالب التوسع.
والخلاصة أن الكتاب مدخل مفيد للباحث في الوثائق، ومرجع مهم للدارس في تاريخ سدير.
وإن كان من ملحوظة على العمل أسوقها على استحياء لعمل رائع متكامل وهي أن المؤلف وضع صور الوثائق في ملحق مستقل آخر الكتاب، ولم يضعها إلى جوار شرح الوثائق وتفكيك معانيها، وفي تقديري أن هذا يقطع حبل فكر القارئ المهتم بالنظر إلى الوثيقة في الوقت الذي يناقش فيه المؤلف الوثيقة نفسها، فعند العسكر تقرأ ترجمة الوثيقة ونسخها، ثم تتجاوز صفحات عديدة حتى تصل إلى صورة الوثيقة، وأنا على علم أن هذه جادة مطروقة عند الكثير من المؤلفين إلا أني أفضل أن تكون كل وثيقة داخل الكتاب وإلى جوار شرحها والأمر يحتمل وجهات النظر.
ومن مزايا الكتاب - وما أكثرها - ذلك التقديم من المؤرخ المعروف وعضو مجلس الشورى زميلنا القدير الدكتور عبدالله بن إبراهيم العسكر، فهو المؤرخ المناسب في الكتاب المناسب، وكفى.