جاسر عبد العزيز الجاسر
وفق نظرية ترقيص الثعابين التي انتهجها الرئيس المعزول علي عبدالله صالح طوال فترة حكمه التي زادت على ثلاثة عقود، كان يوظف الجماعات السياسية والدينية والطائفية وكل الأطياف لصالحه، إذ قيل إن الفاسدين لا مانع لديهم في التعامل حتى مع الشيطان، فإنَّ علي عبدالله صالح لا مانع لديه من التعامل مع كل الشياطين وفي وقتٍ واحد. في العقد الأخير من حكمة رقص مع أخطر ثعبانين عملا ولا يزالان لابتلاع اليمن، الحوثيون وتنظيم القاعدة، ونجح طوال العقد الماضي لابتزاز من زعم بالعمل معهم لتنظيف المنطقة من الإرهاب، فخدع الجميع، أقنع الأمريكيين بأنه يتصدى لتنظيم القاعدة، وهو ينسج في الوقت نفسه معهم المؤامرات ويمنحهم التسهيلات، بل ويرسم لهم الخطط ليستعملهم لكسب مزيد من الأموال بزعم توظيفها لمواجهة الإرهاب. وفي المقابل يتعامل مع الثعبان الآخر «الحوثيون» الذين استعملهم لابتزاز دول الخليج العربية والمملكة العربية السعودية، بطلب مزيد من الأموال لمواجهة تمرد الحوثي ومساندته سياسياً لضمان بقائه على سدة الحكم.
أسلوب مبتكر بتويظفه الثعابين لتحقيق الارتزاق المادي والسياسي والسلطوي، فعبر التهديد بخطر القاعدة والحوثيين خدع أكبر قوة دولية بما لديها من أجهزة ومعدات استخبارية متقدمة، هذا إن لم تجد في فعلة علي صالح مصلحة تتطابق مع الخطط الموضوعة للمنطقة العربية.
كما خدع -ويجب أن نقر بذلك- دول الخليج العربية ومنها المملكة العربية السعودية التي تعاملت معه كرئيس لدولة حليفة وصديقة لم تتردد في دعمه مادياً وسياسياً وحتى عسكرياً.
لم تبخل المملكة على علي عبدالله صالح، وعندما تعرض لمحاولة الاغتيال في مسجد النهدين بمبنى الرئاسة اليمنية أحضرته الطائرة الطبية السعودية «كومة لحم» وعُولج في المستشفى العسكري حتى تم شفاؤه بقدرة الله وإرادته التي أرادت فضحه وكشفه وإظهار خداعه من خلال تعامله في المعارك التي تشهدها اليمن هذه الأيام، فبالرغم من وضع قواته والألوية العسكرية اليمنية التي يقودها ضباط موالون له بعد أن اشتراهم بالأموال، بالرغم من وضعهم تحت تصرف الحوثيين مما جعلهم يتمددون على الساحة اليمنية، واصل خداعه حتى للذين يتحالف معهم الآن، فأخرج ورقة القاعدة بتسهيل سيطرتهم على المناطق الشرقية في اليمن، وذلك بإيعازه للألوية والقوات العسكرية التي لا تزال تلتزم بالولاء له بالانسحاب من معسكراتها وقواعدها وآخرها الانسحاب من القواعد العسكرية في محافظة حضر موت، ما أتاح لتنظيم القاعدة الإرهابي من الاستيلاء على مدينة المكلا، وكاد هذا التنظيم المسلح الذي مُنح الضوء الأخضر من أعوان علي عبدالله صالح أن يستولي على قاعدتي الشحر والريان القريبتين من مدينة المكلا، لولا شجاعة وسرعة تحرك رجال الحلف القبلي في حضرموت الذين واصلوا مواجهاتهم لتنظيم القاعدة وجيش صالح معاً وطردوهم من مدينة شحر القريبة من المكلا وسيطروا على القاعدتين «شحر والريان» الواقعتين على البحر العربي، مما أفشل مخطط القاعدة وعلي عبدالله صالح باستعمال القاعدتين للتزود بالأسلحة من أعداء المسلمين والعرب المتحالفين مع شياطين الحوثيين وتنظيم القاعدة معاً وبترتيب وتنسيق من الرئيس المعزول علي عبدالله صالح الذي فضحه الله وكشف غدره وخيانته لمن أبقوه كل هذه المدة على سدة الحكم وخيانته لشعبه الذي ضاق الويل من عشقه الرقص مع الثعابين.